الإعلامية إيمان السواري … أوراق مؤجلة وأبواب كانت موصوده .
يمن ماكس : منير الحاج
تتسارع الخطى ويبقى الحلم على مقربة منا ببضع خطوات أو تزيد قليلا وما بين عناق الحلم المنشود يوجد الكثير من المعوقات منا من يقطع تلك الخطوات دون أن يبالي بالصراع الذي سينتصر فيه حتما ، ومنهم من تخيفه المعوقات فتغير مسار حلمه رامية به والحلم إلى شاطئ البؤس وغيابة النسيان في مجتمع لا يسند بعضه البعض ، ولا يأخذ بيده نحو المستقبل قيد أنمله…
حوارنا اليوم مع مذيعة عاركت الظروف انتصارا للحظة حلمها فيه هو المنتصر ، قطعت شوطا كبيرا بزمن قياسي ووضعت لها بصمات عدة في خلد من عرفوها وأماكن ألفت وجودها كجزء أساسي لصناعة اسم ذك الكيان…
المرأة اليمنية … دمعة العادات
عندما تحاور فتاة إعلامية قد تظن بل تجزم أنها من عائلة منفتحة فتصدمك مع أول وهلة لسؤالك المفتاحي للكشف عن هويتها من خلال اجابتها بالقول ( إيمان
بنت طموحة , كانت كل خطواتها للوصول إلى ما تريد “مستحيلة ” !
كانت تمضي وهي مغمضة العينين و كل ثقتها أنها ستصل لكل ما حلمت به , وكل تلك الأمنيات مرهونة بيد رب العباد ثم عدم استسلامها ، نعم فأنا الفتاة التي حُرمت بعد إتمام الصف السادس من الذهاب للمدرسة لمدة ثلاث سنوات حين قررت العائلة – بحجة العادات والتقاليد –عدم اكمال دراستي ، فمرت سنواتي الثلاث مسجونة الأحلام إلا من بعض كتب سُمح لي أن أدرس بها دون أن يكون لدي معلم ومدرسة فمدرستي هي غرفتي التي ألعب فيها وأنام ، وهكذا استمر الحال حتى أنهيت امتحانات الشهادة الأساسية وحينها قررت خوض معركة الحوار مع عائلتي وكنت المنتصرة في ذلك ، وبعزيمتي واجتهادي استطعت التخرج من الجامعة فضلا عن مواصلة الثانوية فحسب.
مؤشرات المستقبل
لكل شخص في الحياة سحابة ماطرة تخبره بمسار أرضه المخضرة وهذا ما أخبرتنا به إيمان من خلال المحطات التي أنجبت في خلدها فكرة دراسة الإعلام (لربما يصعب على طلبة المدارس إعداد ما يسمى بالإذاعة المدرسية خاصة في زماننا ، حيث كان النت حينها ليس بمتناول الكبار فضلا عن الصغار كما نشاهده الآن ، فكنت من بين زميلاتي شغوفة قادرة على إعداد الإذاعة المدرسية بكل حب وتقديمها بلا خوف أو رهبة حينها تدفق شغف الإعلام إلى قلبي حتى ترسخت فكرة الإعلام في عقلي … وهكذا كانت المدرسة شاهدة على بداياتي مع المايك.
عشقها والبدايات
حاولت الذهاب بها بعيدا عن نافذة الماضي المطلة على سجن الأحلام وسوداوية جاثمة على المستقبل انذاك محاولا معرفة هواياتها والبدايات العملية التي تظل دوما عالقة في أذهان الجميع لا سيما لأولئك الأشخاص الذين خاضوا غمار الصعاب في نيل الوصول ولو بمجدافين أرهقهما تلاطم أمواج العبور فكان حديثها ذو شجون فالقراءة والمطالعة المستمرة وكتابة الخواطر أكثر ما تمارسه في حياتها إذ أنها تعتبر ذك زاد الاستمرار في الحياة مستشهدة بالقول ( من لا يقرأ ليس انسان) ثم تحدثت عن بداياتها قائلة ( لقد عملت في العديد من الأماكن الإعلامية بدايتها كانت بعد تخرجي من الجامعة في منتصف العام 2016 م , حيث عملت في راديو طفولة كمديرة لقسم الإعداد البرامجي ، ومن ثم سُنحت لي فرصة التقديم الإذاعي وذلك عن طريق الالتحاق بطاقم راديو إف إم شباب ومن هنا كانت انطلاقتي في العمل بمجال التقديم عبر الأثير ، و بعدها قررت الانتقال للعمل براديو دلتا بحثا عن بيئة أخرى وفرصة للتطوير الذاتي فقدمت العديد من البرامج المختلفة أهمها برنامج إبرة وخيط ، وهناك وجدت ذاتي أكثر إذ أوكلت إليَّ مهمة مساعد مدير البرامج فكانت فرصة لي فمثل هذه التجارب تصقل المرء وتؤهله ، وكما يقال إذا أتتك رياحك فاغتنمها ، وهذا ما عملته طيلة عملي براديو دلتا حيث كنت قريبة من الإعلامية أمل فايع التي أعتبرها قدوة لي في هذا المجال فهي مذيعة تملك بصمة صوتية لا تضاهى ، وعلى يديها تدرب الكثير من الإعلاميين الموجودين في الساحة الآن ومن ذي قبل.
حاليا أعمل في شبكة الهوية منذ أيام كمقدمة لبرنامج ” تفرطه على الهواء ” و معدة لبرنامج استقصائي موسوم بـ ” ملف الاسبوع “.
اللا استقرار
الإعلام مهنة المتاعب وهذا لا يختلف عليها اثنان لكن المتعارف عليه دوما متاعب الحصول على المصادر والمعلومة وما شابه ذلك ، لكن من الملاحظ في الآونة الأخيرة من المتاعب عدم الاستقرار الوظيفي لغالبية الموظفين في المجال الإعلامي فهل يعد هذا التنقل للإعلامي فشلا يضاف إلى رصيده المهني؟…
في هذه الجزئية من الحديث كشرت الإعلامية إيمان عن أنياب الإجابة قائلة ( لا أعتبره فشلا , لأن الفشل الحقيقي هو ما نعانيه من إفلاس في التعامل مع الإعلاميين في العديد من الإذاعات و القنوات ، و من حق الإعلامي أن يبحث عن المكان الذي يجد فيه الاحترام والتقدير قبل المادة ” الراتب ” . اليوم لا يوجد إيمان لدى القائمين على الوسائل الإعلامية بالمبدعين لذا هم يجهلون حقيقة أن المبدعين لا يتكررون ، لكن كل يقيني أن من يملك القدرة سيشق طريقه ، ويصبح رقما صعبا رغم البيئة الإعلامية التي يعشها ونعيشها نحن بلا استثناء.
الممارسة … كلمة السر
تقول إيمان الممارسة والتنقل بين الوسائل الإعلامية المختلفة كشف لي الكثير من الأمور التي نجهلها وهذا ما يجعل الكثير للآن يتخبط بعيدا عن الهدف المنشود والمحتوى الإعلامي الراقي لا سيما وأن الغالبية يطبقون ما يملأ عليهم من قبل مدراء المؤسسات الإعلامية فعلى سبيل المثال الإدارات لا سيما في الإذاعات تركز على التقديم الجماعي الذي يجعل الغالبية اتكاليين على زملائهم لذا تشكلت لدي قناعة أن النجاح هو نجاح فردي يبدأ من الإعداد مرورا بالتقديم سواء مباشر أو تسجيل وعلى هذا النهج سأمضي حتى أصل للعالمية ، وهذا لا يعني تهربي من تقديم يد العون للزملاء بالعكس فإني أجد سعادة في تقديم المساعدة وهذا ما يجب علينا جميعا التحلي بها بغية الرقي برسالتنا الإعلامية ، ولكي نكون قدوة لعامة الناس الذين ينظرون لنا كشريحة من الناس التي لها شأن لا يحوز عليه آخرون من أصحاب التخصصات الأخرى.
لكل مرء سلاحه
من لا يملك زاد يومه مات ، ومن لا يملك سلاحا حسيا ومعنويا يعارك به في سبيل الوصول لقمة الهرم الذي يتطلع له فإنه سيظل يندب حظه وسط الظلام المتساقط عليه من كل مكان ، وللإعلام أسلحة ينبغي لمن يعمل فيه امتلاك ذك السلاح كله أو بعضه وهنا تقول السواري:
أملك سلاحين أولهما هو الأقوى ” صوتي ذا البحة المميزة ” و ثانيهما وهو النادر ” القدرة على إعداد مختلف البرامج”. رغم أن تخصصي علاقات عامة ، تخصص لجأت إليه بعد أن وجدت غيابا كليا للتطبيق العملي في قسم الإذاعة والتلفزيون والتناقض بين التخصص والعمل ليس تناقضا فكريا وتضاربا في الرؤى بل الواقع هو من يجبرنا على اتخاذ قرارات رأينا حينها أنها الأنسب لواقع حياتنا.
فضاء واسع … وإعلاميون بالمئات
سرعان ما سمعت إيمان هذه العبارة تخرج من فمي إلا وأسهبت بالحديث بعد تنهده أطلقتها لخصت بها الحكاية .
صحيح في الآونة الأخيرة أصبح كل الشباب محبين للإعلام ولكن القليل منهم من استطاعوا أن يثبتوا أنفسهم في زحمة الإذاعات و كثرة الترددات ، وهنا تلاشت المهنية وأصبحت نادرة كالأخلاق تماما ، ولو تتبعنا خطى العاملين في مجال التقديم لوجدنا غالبيتهم لا يستطيعون إعداد مادة إعلامية بل إن همهم الأكبر متوف على الظهور ، كيف يكون ذلك الظهور؟ لا يهُم!
لذلك قل أن نجد إعلاميا محاورا جيدا ، وللأسف نعاني من قلة العقول المثقفة التي
تحاور باحترافية ولكنها موجودة.
وهنا لا بد من لفته وتنبيه للإذاعات التي تزداد يوما بعد آخر على القائمين عليها أن يتسابقوا في تقديم محتوى مفيد ، وليتركوا التنافس السلبي ( تنافس بمضامين لا ترقى – وتنافس مالي عن طريق ترويج إعلانات مبتذلة).
المرأة والإعلام
نجد تناقضات حول مسألة انخراط المرأة في المجال الإعلامي وتقديمها للتنازلات فهناك من يرى أن المرأة محاصرة وتعيش في جلباب العائلة لا تملك رأيا وقرارا مصيريا بما يخص مستقبلها بينما يرى آخرون أن الحديث عن المرأة ووجودها في الساحة الإعلامية قد بات من أحاديث الماضي فهي اليوم مذيعة ومصورة ومصممة ومديرة ، وكفاءتها هي المعيار لتواجدها في هذا الوسط وهنا تحدثت إيمان مبدية رأيها (المجتمع نظرته للمرأة العاملة دوما أنها تقدم تنازلات في حياتها وهذا ليس صحيحا ، بالعكس الفتاة الواثقة من قدراتها المتشبعة بالعلم الطاردة للخوى لا تسمح لأحد بأن يفكر أنها ممكن أن تقدم أي تنازل حتى لو كان هذا التنازل هو مفتاح الوصول لمبتغاها) .
(إيمان شخصيا لم تقدم أي تنازل حتى الآن ولن تقدم أبدا).
ثم أردفت قائلة ( المرأة والإعلام : كلاهما بحاجة لسن قوانين ليعرف الجميع حقوقهما ).
القنوات والسياسة
القنوات التلفزيونية محرقة كبيرة للمال ، والسياسة لسعة ثعبان قضت على الكثير من الإعلاميين وأغنت الكثير…
رأيك؟…
الاعوام الماضية فعلا كان هناك أموال كبيرة تدفع للإعلاميين و اغنت اغلبيتهم ، أما السياسة فهي لعنة جعلت الكثيرين أيضا ينسحبون من ساحة الإعلام و البحث عن
أعمال أخرى لأن السياسة تكلفهم أرواحهم ، وهذا يخلق فجوة كبيرة وخلو من الكفاءات بينما يصعد للسطح بعض المتسلقين على المهنة ممن لا يعالجون قضية ولا يعرفون مسارا صحيحا…
الإعلاميون يحتاجون قوانينا تدافع عنهم عندما يتحدثون عن قضايا الفساد ، وعندما يبحثون عن الحقائق و إلا ما فائدة الإعلام إذا كان سيتحدث عن مواضيع لا تخدم الوطن في زمن كهذا تنزف اليمن من كل جوانبها الحياتية أما الإعلام في زمن السلم فهو للترفيه ليس إلا.
