المدون والناشط المجتمعي محمد القهالي يكتب : كيف يتم صناعة القرار في المؤسسات الإعلامية.
كتب : محمد القهالي.
تمر حياة الإنسان بالعديد من المتغيرات والظروف والمواقف التي تستثير دافعيته تجاه أمرِ على حساب أمور أخرى، أو تجعله مقيدا باختيار أمر من بين مجموعة أمور أو متغيرات بقياسها في ميزان الأولويات والمتطلبات المتاحة والمفروضة وقد يدخل الإنسان نتيجة ذلك في جو من الحيرة والتخبط نتيجة تعريضه لعملية المفاضلة أو الاختيار الطوعي أو القسري.
يجري ذلك على صعيد الأفراد والمؤسسات وحتى المجتمعات إذ تزخر جميع القطاعات بالمواقف اليومية والمستمرة التي تتطلب فعليا تحديد اختيار أو بديل من بين جميع البدائل المتاحة والممكنة فيما يعرف باتخاذ القرار. لذلك لا تخلوا أي مؤسسة أو منظمة أو شركة أو هيئة أو نظام حكم من عملية اتخاذ القرارات الهامة والتي يتوقف عليها كثير من أنشطته في الحياة لذلك يعتبر هذا الجانب من المهارات الإدارية والفنية الأساسية في أي مؤسسة من المؤسسات العاملة في كافة الميادين السياسية والعسكرية والإعلامية…إلخ
حيث يمثل أحد أهم العوامل التي تحدد مدى نجاح وفشل العمليات المختلفة خاصة في ظل صنع قرارات مصيرية قد تكون سببا في نهوض العمل في المؤسسة أو قد يكون سببا في دمارها.
إن اتخاذ القرارات في المؤسسات الإعلامية يختلف نوعا ما عن المؤسسات الأخرى وذلك بسبب المتغيرات والعمليات التي تحدث بشكل سريع ويومي ودائما تواجه المؤسسات الإعلامية مشكلات طارئة مثل تعطل الات الطباعة أو عدم وجود بعض مستلزمات الطبع أو شحة الورق أو الأحبار وغيرها من المعوقات فهذه المشاكل الطارئة تحتاج إلى قرارات سريعة لأن القارئ لن يعذر إدارة الوسيلة الإعلامية لتأخر صدورها أو تعطلها عن الصدور ليوم واحد.
إن المسئولين يتخذوا قراراتهم بناء على خليط من الاعتبارات مثل خبرة المسئول والحقائق المتوفرة لديه وحدسه وعواطفه وأحاسيس، وهي عناصر هامة ولأن طبيعة العمل الإعلامي يتسم بالابتكار فإن عنصر الحدس لدى المدراء الإعلاميين يصبح عنصرا من عناصر اتخاذ القرار.
إن اتخاذ القرار الإداري في المؤسسات الإعلامية يتميز بمكانته الجوهرية في العمليات الإدارية إذ لابد من وجود القرارات والمفاضلة التي تقود المؤسسة الإعلامية إلى الاختيار في جميع نشاطات الإدارة ووظائفها وتبرز أهمية اتخاذ القرارات من الناحية الإدارية في جوانب التخطيط ووضع الأهداف والسياسات والاستراتيجيات التي تنتهجها المؤسسة الإعلامية لتعكس من خلالها هويتها وجوانب اختصاصها وحدودها المكانية والزمانية كما تظهر أهمية اتخاذ القرار في تحديد الشركات لمدخلاتها ومواردها ورسم الأساليب والاليات المنظمة لعملها.
إن قرارات المؤسسات الإعلامية المختلفة تحتاج ممارسة وخبرة أكبر فالتسلح بالعلم الإداري مثلا لا يستطيع أن يحل مشكلات مؤسسة صحفية فهي تحتاج إلى مرونة في إصدار القرارات وسرعة اتخاذها والقدرة على حل المشكلات السريعة والمتلاحقة والمتداخلة بين الأقسام الإدارية والفنية والتحريرية في مؤسسة صحفية ما …..
وكذلك فإن المشكلات التي تواجه مدير إذاعة وتلفزيون ليست مثل المشكلات في مصنع إطارات أو مزرعة إذ أنها مشكلات من نوع خاص تحتاج إلى مرونة وسرعة.
وعليه فإن صناعة القرار في المؤسسات الإعلامية يتنوع بتنوع القرار الذي سيتخذ وكل نوع من هذه القرارات يتطلب في العادة عملية مختلفة عن غيره ويكون دور الرئيس هو تحريك فريقه الإداري نحو اتخاذ القرار الذي يراه مناسبا ويصب في صالح المؤسسة الإعلامية بكل إدارتها المختلفة مما يزيد من إنتاجية العمل ورفع قدرات المؤسسة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.
إن صناعة واتخاذ القرارات في المؤسسات الإعلامية تتخذ أسلوبين يمكن من خلالهما اتخاذ قرارات مختلفة لذلك نجد ما يسمى بالأساليب التقليدية التي تتمثل في المناهج العلمية المعتمدة على الخبرات السابقة والتقديرات الذاتية وتعود في أصولها إلى طبيعة الإدارات القديمة بحيث تأخذ جانب الخبرة الذي يتم اكتسابه مع الوقت والتجارب المختلفة كما تضم جانب التجربة أي إجراء التجارب المختلفة للتوصل إلى نتائج مطلوبة حيث بدأ تطبيق هذا الجانب في البحث العلمي وتم استخدامه لاحقا في المؤسسات المختلفة بحيث يتم اختيار البديل الأفضل وصولا إلى استخدام البديهة والأحكام الشخصية على الأمور والمشكلات بحيث يستخدم متخذ القرار أسلوب الحكم الشخصي على المواقف بعد التقدير السليم للأبعاد المختلفة الخاصة بكل موقف.
أما الأساليب العلمية الحديثة ظهرت وانتشرت في بدايات العشرين وأكدت عدم صلاحية الأساليب القديمة في مواكبة التطورات الحديثة في العمل المؤسساتي وخاصة عند اتخاذ القرارات إضافة إلى ما يسمى بشجرة القرارات أي أن اتخاذ القرار لا يتم بمعزل عن التأثيرات المحيطة بالمشكلة بحيث يستخدم هذا الأسلوب في المفاضلة بين العديد من البدائل المتاحة.
خطوات اتخاذ القرار في المؤسسة الإعلامية وأي مؤسسة لابد أن تكون هناك مشكلة أو شيء ما نريد تحقيقه فبالتالي لابد أن نقوم بجمع المعلومات والبيانات عن طريق استخدام وسائل ممكنة مما تتيح لنا معرفة أكثر حول الموضوع وعند متخذ القرار فهو يقوم بعمل بدائل وحلول لا يستغني عنها ويمكن أن يقرر أي واحدة من تلك البدائل هو الأفضل وفي نهاية هذه الإجراءات نصل إلى مرحلة التنفيذ ومتابعة العملية والتأكد من سير العملية نحو الاتجاه الذي خطط له من قبل متخذي القرار الإداري أو الإدارة العليا.
وفي سياق ذلك نستطيع القول بإن القرارات البسيطة لا تحتاج إلى تفكير عميق أو جمع معلومات متعمقة وعمل دراسة في كيفية اتخاذ وصناعة أي قرار بل الأمر بسيط جدا هو معرفة ماذا تريد المؤسسة أو المسؤول المباشر واتخاذ القرار بطريقة سلسة مثل تكليف موظف بالنزول الميداني أو قرار إجازة للموظفين, أما بالنسبة للقرارات الصعبة فهي تحتاج إلى دراسة بحث وجمع معلومات معمقة مثل افتتاح فرع للمؤسسة الإعلامية في دولة أخرى أو قرار استثمار في أي مجال لذلك لابد أن تتخذ هذه القرارات بعد أن يتم أخذ استشارة ومعلومات عن هذا الموضوع لأن مثل هذه القرارات هي إما نجاح كبير للمؤسسة الإعلامية أو قرار إفشال المؤسسة فلابد أن تكون هناك خبرة واسعة أو الرجوع إلى ذوي الخبرة أو الاختصاص للبت في هذا الموضوع.
وأريد أن أوضح فرق بسيط بين صناعة واتخاذ القرار وذلك بإن الأولى عبارة عن مجموعة من الخطوات المنهجية التي تهدف إلى وضع المشكلة تحت الدراسة وضرورة الغوص فيها عن كثب لكي يتم التوصل في النهاية إلى قرار صارم بكل حيطة وحذرمن خلال تجنب الوقوع بالأمور التي ربما ستحدث فيما بعد أما اتخاذ القرار وهو أن يتم إجراؤه على أرض الواقع.
وفي خلاصة الأمر إن عملية اتخاذ القرارات في المؤسسات الإعلامية لابد أن يتوافر له مجموعة من الظروف أو الخصائص التي تجعل هذا القرار مناسبا عند اتخاذه نستطيع القول بإن هناك مجموعة من الأهداف التي تريد المؤسسة تحقيها عند اتخاذ أي قرار وهذا يوفر بيئة مناسبة لاتخاذ قرار سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي للمؤسسة بالإضافة إلى مجموعة الحلول البديلة أو المتاحة لمتخذ القرار والعمل على انتقاء الأنسب للمؤسسة حسب الظروف المتاحة للمؤسسة لكن هناك قد تكون احتمالات سيئة قد تؤثر على سير العمل داخل المؤسسة بسبب اتخاذ قرار غير مناسب هنا لابد أن يتواجد مجموعة احتمالات التي يمكن أن تحدث حيث يتم وضع بدائل كمثل هكذا حالات.
إن صناعة واتخاذ القرارات داخل أي مؤسسة وخاصة المؤسسات الإعلامية ليس بالأمر السهل فهي ليست فقط مجرد تعميم أو كلام شفهي من قبل المسؤول المباشر أو القيادة العليا بل يتعدى هذا الأمر حيث أن اتخاذ القرار داخل هذه المؤسسات يعتبر النشاط والمحور الإداري التي تقوم عليه أي منظمة أو مؤسسة ما
فهذه القرارات هي القادرة على تسيير المؤسسات بمختلف أنشطتها وتوجهاتها الفكرية أو التنظيمية
فكما هو معروف في المؤسسات التنظيمية التي تتعامل بالقرارات والتعاميم الرسمية سواء المكتوبة أو الشفهية مع العلم أن هذه القرارات ليست كما نبسطها أو نتجاهل طريقة ومسببات اتخاذ هذه القرارات
قد تكون هناك عمليات معقدة وصعبة عند اتخاذ أي قرار فهناك نحتاج الدراسات العميقة والمعلومات الكافية والخبرة العالية حول أي موضوع نريد أن نتخذ قرار من شأنه أن يعمل على رفع من قدرة المؤسسة أو حسب أهداف اتخاذ هذا القرار أو حسب البيئة الخارجية والداخلية للمؤسسة.
قــائمـة الـمــراجــع: –
1- د. مجيب أحمد الشميري – إدارة المؤسسات الإعلامية – صنعاء – دار الكتاب الجامعي للنشر والتوزيع – 2016
2- موقع “موضوع” على الأنترنت رابط الموقع www.mawdoo3.com 22-10-2019
3- عدلي رضا – عاطف العبد – إدارة المؤسسات الإعلامية – القاهرة – دار الفكر العربي
4- موقع نون بوست رابط الموقع https://www.noonpost.com/content/19668 21-10-2019