التخطي إلى المحتوى
عبير إبراهيم … من اللعب بباحة إذاعة صنعاء إلى المايك

عبير إبراهيم … من اللعب بباحة إذاعة صنعاء إلى المايك.

يمن ماكس : منير الحاج

طفلة كانت تلهو في باحة الإذاعة الأم للجمهورية اليمنية “إذاعة صنعاء” لا تعي أهمية وقدسية المكان ورويدا رويدا تشكلت لديها مفاهيم حول ماهية الإعلام وأهم مرتكزاته التي لا بد أن يعيها المنخرطون في هذا المجال ، صقلت نفسها ولم تنتهج الإعلام كتخصص وإنما جعلت الشغف والموهبة سلاحان موصلان لها فبرغم سنها اليوم إلا أنها أصبحت محل غبطة من أقرانها وتقدير ممن سبقوها في هذا المجال فهما وعملا إذ أنها سعت جاهدة للتموضع في مكان لا ينازعها فيه أحد فكانت وكانت ورمت بالمستحيل أعقاب الحائط وكان لزاما علينا اليوم حوارها لننفذ إلى بواطنها ، ونكتشف أسرارها المخفية خلف هذا النجاح التي حققته عبر إذاعتي صوت اليمن وطيرمانة والعديد من الأعمال الخاصة محليا وخارجياً…

ــ عبير في سطور.

عبير محمد إبراهيم …من صنعاء …خريجة قسم اللغة العربية والترجمة من صنعاء..كلية اللغات ..أهوى الكتابة والقراءة والخط الديواني…الحرف رفيقي الوفي دائما وأبدا ..مذيعة عملت لدى العديد من الإذاعات ..كمعدة ومقدمة برامج اجتماعية متنوعة ..منذ ما يقارب ثلاث سنوات…في كل يوم أشعر بأني أقترب مسافة كبيرة من أهدافي ..وأعمل على تطوير نفسي رغم هبات الاحباط التي تجتاحني بين الفينة والأخرى ..إلا أن بريق الحلم مازال يداعب مخيلتي المكتظة بالأمنيات …أتوق لأن أرى إعلاما هادفا بنية الفائدة الخالصة ببلدي ، ولغة عربية تخرج من بين أجداث الحضارة ..في مجتمع لا يؤمن بالمرأة إلا كربة منزل يستعصي على من تملك إرادة باهته أن تستمر ، ولكن من سكن بقلبها الإيمان بأن تلك المعتقدات الفكرية ليست من تحدد وجهتها فستصل لا محالة .

ــ هل في طفولتك ما كان يشير في يوم من الأيام إلى أنكِ ستعملين في الإعلام أو أن الأثير سيكون عشقك يوما ما؟…

أذكر أني في طفولتي كنت أهوى القصص التي كان يجلبها لي والدي ..وكنت آنذاك أحلم أن أصير طبيبة مثله ..لم أتخيل يوما أن سيكون لي أي علاقة بالإعلام ..إلا أن القدر ربما كان يكتب أولى ملامح قصتي حين كنت منشغلة باللعب واللهو في باحة إذاعة صنعاء بصحبة خالتي المذيعة .

ــ كيف بدأت رحلتك مع الإعلام؟…

بدأت رحلتي منذ أيام المدرسة وخصوصا في حصة اللغة العربية وشغفي الكبير بها حيث كنت أحصل على العلامة الكاملة ..من ثم الجامعة حيث أتيحت لي العديد من الفرص لتقديم حفلات بكلية الإعلام وفي كليتي كلية اللغات ..وكان العديد من الزملاء والدكاترة يرددون عبارة ستصبحين مذيعة ..بالفعل أصبحت وكانت ألسنتهم تحكي لمحة عن مستقبلي القادم .

ــ متى كان ميلادك الإعلامي؟..

شعرت أني ولدت إعلاميا حين سمعت اولى حلقات برنامج عندما غنى القمر ..حيث كان أول برنامج أعده واقدمه .. وأجد صدى مميز له عند المتذوقين لا المستمعين فقط ..وكنت أستمتع بالاستماع لحلقاته بأذني شخص عادي ..كنوع من الحكم على النفس .

ــ ما نوع البرامج التي تقدميها … وما الذي يستهويكِ؟…
قدمت أنواع متعددة من البرامج المتنوعة والثقافية والاجتماعية …وبرامج خاصة بالأطفال..لكني أشعر أن ملعبي الذي لطالما أجدت إصابة الهدف فيه بمتعة هو البرامج الأدبية التي لربما غاب صداها في الآونة الأخيرة ربما لصعوبة مفرداتها أو قوة معانيها الضاربة خلف تلك الحروف .

ــ مهمة الإعداد هل هي أمر سهل؟…

الإعداد ليس مجرد كلمات تتراص مع بعضها البعض لتكون جملة ..إنما أشبهها بطبخة تحتاج لمكونات متنوعة وبهاراتها الروح التي أثراها المعد ..وذاك النفس الخاص به كما يقال حين يجهز تلك المادة التي ستصل للسامع .

ــــ دمعة سقطت في أوراق إعدادك؟

بين جنبات بعض العبارات قد نجد مفاتيح أحزان دفنها الزمن ، نغرق في بعض الحروف لدرجة الشعور بأنها موجهة لنا ..تسرقنا من الواقع للحظات وتأخذنا لعوالم ماضية كدنا أن ننسى أنفسنا بها،لتعيدنا مع تلك الأوجاع للحظة عشناها وظننا أننا لن نجدها تتكرر بين سطور مكتوبة .

7ــ ما أهمية ما قدمتية في عملك وهل تشعرين بالرضا عن حالك؟…

أعتقد أن من يشعر بالرضا لن يتقدم أكثر ولن يطمح بشكل كبير ..قدمت برامج تتناسب مع الوضع الصعب الذي نمر به وحاجتنا الملحة لطرق نخفف بها الآثار الناتجة عن الصعوبات التي نمر بها ووطننا بشكل عام ..كمحاولة للمساعدة بالفكر والكلمة بما يجود به الممكن في عالمنا السريع .وأرى أني لم أقدم الكثير حتى الآن مازلت أحبو في هذا الدرب.

ـــ بما أنك من خارج بيئة الإعلام… فهل وجدتي في ذلك صعوبة؟…

الصعوبات تجسدت في قلة الفرص المتاحة لي للعمل بحكم أن الإعلام ليس مجال دراستي الجامعية، وأيضا علاقاتي المنحصرة ومعرفتي المحدودة بالإعلاميين ، والأهم أن الأغلب يرون أن من يهوى الإعلام لا يستحق ممارسته أو ليس جديرا كمن يمتلك شهادة تمنحه الحق بتلك المهنة .

أيضا صعوبة في ايجاد قبول للأفكار الجديدة وسيطرة العقلية المتحجرة ع بعض المختصين بالقرار ..حيث تشعر أن النمطية السائدة هي درب يجب عليك السير فيه كما من سبقك لا لأجل شيء وإنما لأجل أنه أصبح عادة ونموذج للبرامج وغيرها .

ــ وأنتِ تعيشين بحلمك الكبير وسط مجتمع محافظ ، ما المعاناة التي أحاطت بك كفتاة مذيعة؟…

لقد لاقيت رفضاً شديداً من عائلتي وكل من يحيط بي ففتاة من أسرة صنعانية محافظة قلما يسمح لها بإبداء رأيها كيف لها أن تكون مذيعة تكتب وتبدي رأيها علناً..وأيضاً كوني محجبة وأظهر في مقابلات تلفزيونية ..وهذا منافي للزي الرسمي لعائلتنا وهو النقاب ..وأيضاً خروجي من المنزل والاختلاط بالناس ومحاكاة واقعهم يصعب على من ببيئتي تقبله لكن أتمنى مع الوقت أن تتغير مفاهيمهم الخاطئة عن مهنة مهيبة كالإعلام.

ــ المذيع والضيف وتغيير الأدوار ، هل وقعتي في الفخ يوما؟…

لا أذكر أني وقعت بالفخ ..لكن هناك موقف مشابه تعرضت له حين كان ضيفي يلتزم الصمت ..أو الإجابة بكلمة واحدة ..هههههه عندها اضطررت أن أكون المذيع والضيف وأحاور نفسي .

ــ أهم سلاح تتسلحين به؟…

أهم سلاح أتسلح به ….هو شغفي بالحروف والمحبة البالغة التي تجمعنا .

1+10ــ نادرون من يجيدون الكتابة لاسيما الأدبية من المذيعين … أين نجد عبير من هذا كله؟…

الكتابة وهج ساطع للإعلامي فأن تكتب يعني أن تعي جيداً ما تقرأ وماتود إيصاله للآخر وحينها يكون احساسك بالكلمة أعمق.. فلا عجب أن تجد نفسك بين طيات عبارات تائه تحاول لملمة شتاتك ببعض الأحيان حين لا تكن أنت الكاتب لها .
من جمع بين الصوت الجميل والكتابة وفن الإلقاء فقد تميز على الأقل على نفسه .
بدايتي مع الكتابة كانت حين أكملت الثانوية العامة كنت حينها أعاني جرحاً عميقاً أتتني به الحياة …فعلقت بذهني عبارة من الجرح وحده يولد الأدب ويومها كتبت خاطرة وشاركت بها بمسابقة في الجامعة ففزت بها فزادت ثقتي وقررت أن أكمل بهذا الدرب فالحرف سند جيد لمن لا سند له .

ــ ما الذي يحتاجه الإعلامي كي يكون متميزا في عمله؟…

أن تحيا وروحك بكل حرف نسجته أناملك، أن تعمل بهدف واضح ..وأن تكون أنت الصوت الحاني والمدافع والموجه للمستمع الذي أمنك على صوته وحملك مسؤولية إظهار الحقائق لا الزيف .

ــ مما ينتج الحوار العقيم بين المذيع والضيف؟…

الحوار العقيم ينتج عن رغبة كلا الطرفين بإبراز مكامن قوتهم أمام الآخرين وتحيزهم لأفكار معينة دون وجود رغبة لجمع عدد من الآراء والخروج بنتيجة ترضي جميع الأطراف تكون سليمة ومقبولة .

ـــ ما التنازلات التي قدمتيها في سبيل عملك؟…

تنازلات قدمتها قبل عامين ونصف تقريبا كانت بدايتها عملي المتواصل والمنهك بمبالغ زهيدة ومعاملة قاسية من قبل مدراء العمل طرق تحطيم يستخدمونها ظنا منهم أنهم يعلمونك ويكسبونك الخبرة ويصقلونك وهم على العكس من ذلك يعملون على قتل المواهب والثقة ، ما دفعني للاستمرار هو شغفي الكبير لسبر أغوار هذا المجال وتحقيق الحلم .

ــ الإعلام والعزلة؟…

العزلة تصبح ملحة عندما نشعر بالتكرار واللا تميز أي من جانب خلق هالة خاصة بنا ..في اللحظات التي تتشابه فيها كل مواضيع وتوجهات هذا المجال..فعزلتنا تمكننا من وضع بصمة خاصة بنا على أن نعود بقوة …أما العزلة بمعناها العام فتنافي الإعلام لأنه ينبغي متابعة الأحداث ومخالطة الناس وتكوين فكرة شبه يومية عن مجريات الأحداث و التطورات في العالم .

ــ شخص تمنيتي اللقاء به اثناء العمل الإعلامي وإجراء حوار أو لقاء لكن لم تسنح الفرصة بذلك؟…
الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله ..كنت أتمنى أن أحظى بفرصة محاورته بلقاء ..وأيضا أن أخبره بأنه سبب لتغيير نظرتي للحياة ..من خلال كتاب قوة التفكير الذي يحوي في سطوره قوة تتحدى الصعوبات .

ــ كيف يكون المذيع متسلحا بكل الأدوات اللازمة؟…

سلاح المذيع الرئيسي برأيي هو لغته العربية وصبره على المعوقات والنهوض بعد كل عثرة وأيضاً ألا يقبع بمكانه وأن يتجنب شعور أنه وصل للقمة فالثقافة والسعي والجهد الكبير المبذول كل هذه الأسلحة يحتاجها المذيع ليكمل رحلة صعوده .

ــ هل توجد علاقة بين الليل والإبداع؟…

الليل يحيي النبض المقيم بأعماق الإبداع ..حين يسدل الظلام ستاره …وتقابل النفس خيالاتها دون قيود. يستأثر الوجد على كل ماحوله ..ويعزف أعذب سيمفونيات الأفكار الهائمة التي بمجرد رسم طريق واضح لها تغدو نجاحات مبهره.

ــ علام تعتمدين في الإعلام؟…

على الكتب ..اليوتيوب ..كي ألملم شتات بعض علامات الاستفهام التي عييت أن أجد تفسيرا لها .

ــ أسوأ من يعمل في ساحة الإعلام؟…

أسوأ من يعمل بساحة الإعلام هم من يعملون دون تحديد وجهتهم نحو هدف معين …من يهدفون للشهرة والمال ويروجون لأنفسهم أكثر مما يهتمون بملامسة احتياجات مجتمعهم .

ــ التمرد وارتباطه بالموهوبين؟…

التمرد أعتقد أنه ردة فعل لعدم تقبل المجتمع من حولهم الاختلافات الفكرية ورؤاهم اللااعتيادية ربما، حيث يصعب على الموهوبين التلاؤم مع الاعتيادية الغالبة على الكثير،أي أنه تمرد ناتج عن عدم فهم الموهوب وتقبل زاويته الخاصة به وبموهبته أيا كانت .

ــ دائما المبدعين من يواجهون العقبات بينما الآخرون يمضون بسلام؟…

بالتأكيد ..فأن تمشي بالدروب المعتادة مع الآخرين أمر سهل لكن أن تعاكس طريقهم وتخطو بطريق خاصة بك هنا التحدي .

ـ تقفزين سريعا نحو حلمك فأين تودين الاستقرار بهذا الحلم ، هل ثمة محطة معينة في مخيلتك؟…

لا نهاية لحلمي أود أن أكون مذيعة وكاتبة وقارئة أخبار وأيضاً أن أتقن الإخراج والمونتاج والإعداد وكل ما يتعلق بالإعلام ..وصنع زاوية خاصة بي وبفكري …ولن أكتفي سوى بالظهور عربياً ليس فقط على حدود اليمن .

ــ وميض يلوح بالأفق لفرص قد تبدو سانحة على نطاق أوسع في الأيام القادمة؟.

الفرص تأتي بلا مقدمات تصادفك بتكتيك غريب ..منذ مدة عملت مع إحدى دور النشر بأبوظبي في مجال الإلقاء ولاقيت دعماً كبيراً عزز لدي الثقة بالوصول …أيضاً عمل قمت به لمنظمة المدرسة الديمقراطية من أجل الأطفال يحمل اسمي وفكرتي وإعدادي

وعلى الصعيد المحلي سنحت لي الفرصة بأن أشارك بإعداد وتقديم العديد من البرامج حيث تجاوزنا ال٢٠٠ حلقة في برنامج حلقة اليوم ..وإعدادي ومشاركتي بتقديم عندما غنى القمر … وأيضاً برنامج عزف المشاعر ..وإذا جاء العيد بالإضافة لبرنامج لتستمر الحياة …بإذاعة صوت اليمن ..وفي إذاعة طيرمانة برنامج دنيانا وأطفالنا نبض الحياة .
ومازلت اقتنص الفرص حتى اللحظة .

ــ من وحي قلمك هل لنا من ومضة؟…

نعــم…

نتوه بحلقات الزمن ..غير آبهين بتلك الحلقة المنفصلة البعيدة عنا ..والتي ربما انفصلت كي تلهمنا أن نراجع حساباتنا الماضية ونجلس مع أنفسنا جلسة مصارحة ..سخرنا منها وظننا أنها لن تضرنا بشيء ..
بعد مدة اكتشفنا أنها حكمت علينا باللااستمرار وظللنا بأماكننا طويلا يتملكنا الندم ..
تراودنا تساؤلات عديدة كيف لتلك الحلقة الوحيدة أن تعيدنا للوراء وتجعلنا نتوه بحلقات الزمن …..؟!

ــ عبير مقالة عنوانها.

حياة خلقت من اللا وجود