التخطي إلى المحتوى
كلية الإعلام بجامعة صنعاء تناقش أول رسالة قدمت نموذج ومقياس عالمي لمصداقية الخبر

كلية الإعلام بجامعة صنعاء تناقش أول رسالة قدمت نموذج ومقياس عالمي لمصداقية الخبر

يمن ماكس/ عمر الصراري

تم اليوم بكلية الإعلام بجامعة صنعاء مناقشة علنية لرسالة الدكتوراه المقدمة من الأكاديمي والصحفي الاستقصائي المدرس بالكلية/ جمال سيلان، والموسومة بـ (مصداقية الأخبار في المواقع الإخبارية اليمنية والعربية وعلاقتها بترتيب أولويات القضايا المحلية لدى الشباب اليمني- دراسة تحليلية ميدانية، والتي أشرف عليها أستاذ الإعلام والاتصال السياسي البروفيسور/ محمد عبد الوهاب الفقيه كافي.

وقد بدأ من استهلال الباحث لعرض رسالته، أن ما قدمته الرسالة يتميز عن سابقتها من الرسائل والأبحاث في مجال المصداقية، فلم يكن هدف الرسالة تقديم أرقام ونسب مئوية لمستوى تصديق المواقع الإخبارية عينة الدراسة، بل سعى الباحث أولا لحل المشاكل المنهجية والنظرية التي تعاني منها دراسات المصداقية، إذ لا يوجد تعريف واضح لهذا المصطلح، ولا توجد طريقة محددة لقياسه، وتتباين الدراسات في نوعية وعدد المعايير المستخدمة لتقييم المصداقية، فدراسات استخدمت معيارين، وثانية استخدمت خمسة أو عشرة معايير، ودراسات اعتمدت على أكثر من عشرين معيارا، ولاتزال هذه المشاكل قائمة ومتوارثة بين الباحثين، وتشكوها الدراسات كافة، وثمة مشكلة أخرى تكمن في أن معايير المصداقية مصطلحات مجردة ومعقدة، ويصعب على المتخصصين فهم بعضها، فما بالك بجمهور عام، والمشكلة الأكثر إيلاما عدم وجود مقياس عالمي للمصداقية، يقدم تأصيلا مفاهيميا واضحا للمعايير، ولم تبحث الدراسات في جدوى استخدام معايير المصداقية المستخدمة في وسائل الإعلام التقليدية، في قياس مصداقية وسائل الإعلام في بيئة الإنترنت.
وأوضح الباحث في عرض دراسته أن عدد من الدراسات الغربية قدمت نماذج لتقييم مصداقية المعلومات في بيئة الإنترنت، لكن هذه النماذج قدمت لتقييم مصداقية المواقع الإلكترونية على اختلاف أشكالها، وقد أثبتت الدراسات اللاحقة أن مصداقية الأخبار تختلف عن مصداقية المعلومات التجارية والصحية والترفيهية والبحثية …، وأوصى عدد من الباحثين الغربيين بابتكار نماذج لتقيم مصداقية الأخبار في المواقع الإعلامية، وقد قرر الباحث الخوض في هذه المهمة الشاقة والصعبة، فعمل أولا على مراجعة وتقييم (174) دراسة أجنبية معظمها أجريت في بيئات الدول الغربية، منها (27) دراسة أكاديمية، و(120) دراسة نشرت في مجلات مصنفة في معامل اسكوباس، ومراعاة لبناء نموذج يراعي مختلف البيئات الثقافية، حلل الباحث (79) دراسة عربية في المصداقية، وحلل دراسات أجريت في روسيا والصين والبلدان الأفريقية، وقد وظف الباحث تحليله ومراجعته للدراسات، في حل المشاكل النظرية والمنهجية للمصداقية السابق ذكرها، من خلال تقديم نموذج علمي اسماه نموذج سيلان والفقيه لتقييم مصداقية الأخبار بالمواقع الإعلامية، يشرح النموذج كيف يقيم الجمهور ويحكم على مصداقية المواقع الإعلامية، ويتضمن النموذج مقياسا لمصداقية الأخبار، يمكن للمؤسسات التربوية إدراجه ضمن مناهج التربية الإعلامية، وتستطيع المؤسسات الإعلامية توظيفه في قياس مصداقية ما تنتجه من أخبار يومية.
وبين الباحث أنه عمل على اختبار النموذج من خلال تحليل (866) خبرا عن الأزمة اليمنية، في ستة مواقع إخبارية يمنية وعربية، ومسح (345) مبحوثا من الشباب اليمني، حيث أثبتت النتائج صحة الرؤى التي قدمها النموذج وصحة الفروض التي بناءها.
وعبر أكاديميون حضروا المناقشة عن اعتزازهم بهذا الانجاز العلمي الذي سيعطي للدراسات اليمنية والعربية موقعا متميزا في قائمة الدراسات التي قدمت نماذج ومقاييس للمصداقية، وسيعمل على الحد من الصورة الذهنية التي بالغ البعض فيها عن البحوث العربية، من خلال وصفها بأنها تنتج فراغا، فلا تفصلا مجملا، ولا تلئم مبعثرا، ولا تضيف جديدا للعلم، إذ قدمت هذه الرسالة مقياسا عالميا للمصداقية، وبنت نموذج يمكن الباحثين على اختلاف بيئاتهم الثقافية من دراسة مصداقية الأخبار وفق رؤية علمية ودقيقة وموحدة، متمنيين أن لا تظل دراسات نماذج ونظريات الإعلام والاتصال محصورة في إنتاجها على الباحثين الغربيين، وأن يدرس نموذج سيلان والفقيه في أقسام وكليات الإعلام على اختلاف البيئات الثقافية لدول العالم.
وقد اتسمت طبيعة المناقشة بنوع من الملاحظات القيمة والثرية من قبل لجنة المناقشة، وتفاعلا وردا علميا ودقيقا من قبل الباحث، الذي منح درجة الدكتوراه في الإعلام تخصص صحافة، مع مرتبة الشرف الأولى والتوصية بالطباعة. بدوره عبر البروفيسور الفقيه عن سعادته الغامرة بهذا الإنتاج العلمي الدقيق، مؤكدا أن الرسالة هي أقوى الرسائل العلمية التي أشرف عليها، وتعتبر أول رسالة في العالم العربي تقدم نموذج ومقياس عالمي للمصداقية وفق رؤية علمية ودقيقة، مباركا لباحثي المصداقية هذا الإنتاج العلمي، الذي حول معايير المصداقية من مصطلحات مجردة ومعقدة إلى مؤشرات جلية وواضحة، يمكن قياسها بدقة في مضامين الأخبار أو لدى جمهور وسائل الإعلام. من جانبه عبر خبير الصحافة اليمنية وأستاذ الصحافة الاستقصائية ورئيس قسم الصحافة بجامعة صنعاء المناقش الخارجي البروفيسور علي العمار أن هذه الرسالة تميزت بالرصانة المنهجية واحترافية الصياغة وتميز شخصية الباحث، وإثراءه لموضوع الدراسة من مختلف جوانبه، مؤكدا أن هذه الرسالة تعتبر فخرا للباحث، ولقسم الصحافة، ولكلية الإعلام، وجامعة صنعاء. البروفيسور علي الحاوري أستاذ الإعلام بجامعة الحديدة، المناقش الخارجي للرسالة أثنى على الجهد الكبير الذي بذله الباحث، مشيرا إلى أن الرسالة إضافة علمية للمكتبات اليمنية والعربية والعالمية على حد سواء.