التخطي إلى المحتوى
من الطف وكربلاء إلى طوفان الأقصى

من الطف وكربلاء إلى طوفان الأقصى
بقلم / محمد الصالحي

بينما نقف على أعتاب إحياء ذكرى عاشوراء، لنستذكر أحداث معركة الطف وكربلاء التي استشهد فيها سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الإمام الحسين عليه السلام. في هذه الذكرى، تبرز أمامنا واقعة أخرى لا تختلف عنها في الدوافع والأسباب والأطراف، وهي معركة طوفان الأقصى. هذه المعارك، رغم تباعد الزمان والمكان، تظل موحدة في جوهر القضية التي تجمعها.

لقد خرج الإمام الحسين عليه السلام بأهله وخيرة أصحابه لمواجهة جيش يزيد بن معاوية، ولم يكن خروجه لأجل دنيا أو منصب أو سلطة، وإنما لإصلاح أمة جده رسول الله بعد أن غمرها الظلم والتحريف باسم الدين. استشهد الإمام الحسين عليه السلام في ساحة المعركة بعد أن قاتل ببسالة، ولم ينج من أهله إلا النساء وطفلان صغيران هما الإمام الحسن بن الحسن والإمام علي بن الحسين عليهما السلام. إلى جانبه، سقط خيرة أصحابه من المؤمنين الأتقياء الصادقين.

صحيح أن حجم التضحية في هذه المعركة كان كبيراً جداً، فلم يحقق الإمام الحسين عليه السلام نصراً شخصياً، لكنه حقق نصراً لقضيته العادلة التي خرج من أجلها. فلولا خروج الإمام الحسين ومواجهته لباطل وطغيان يزيد بن معاوية، لبقي الناس يتعبدون الله بالباطل إلى يوم القيامة. ولولا خروج الإمام الحسين لما قامت ثورة في وجه الطغاة والظالمين المجرمين.

اليوم، ونحن في زمن يختلف عن زمن الطف وكربلاء، نخوض معركةً أخرى منذ السابع من أكتوبر الماضي. معركة طوفان الأقصى، التي تعد امتداداً طبيعياً لمعركة الطف وكربلاء، يجسد فيها محور المقاومة الروحية والقيم التي حملها الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه. فمحور المقاومة، بتشبع ثقافته بكربلاء وروحية الامام الحسين، يواجه الطغيان والاستكبار العالمي المتمثل بأمريكا وإسرائيل والغرب عموماً، وحلفائهم وأذيالهم من العرب.

إن معركة طوفان الأقصى المباركة هي ثورة في وجه الظلم والطغيان والتكبر والغطرسة، مثلما كانت معركة الطف وكربلاء.
فمحور المقاومة في هذه المعركة لديه الاستعداد للتضحية والفداء، كما كان الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه في معركة الطف وكربلاء.

وكما استخدم يزيد بن معاوية اسم الدين للتضليل على الناس حول خروج الإمام الحسين عليه السلام، وكما استغل الأموال لشراء الولاءات، فإن الأنظمة العربية الوظيفية اليوم تنفق الأموال الطائلة لتثبط الشعوب من مؤازرة محور المقاومة. وتستخدم هذه الأنظمة الدين لمحاولة التضليل على حقيقة المعركة وتشويه عمليات محور المقاومة.

إن الأهداف والتوجهات بين تحرك الإمام الحسين عليه السلام في الطف وكربلاء وبين تحرك محور المقاومة في معركة طوفان الأقصى المباركة متطابقتان تماماً. فكلاهما يسعى لإحقاق الحق ومواجهة الظلم والطغيان، وكلاهما يحمل روح التضحية والفداء من أجل قضية عادلة. هذا التشابه العميق يثبت أن الزمن والمكان قد يختلفان، لكن القضية العادلة تظل ثابتة ومستمرة في مواجهة الظلم، جيلاً بعد جيل.
فلا الزمان ولا المكان يفرق إنما القضية هي التي تجمع.

وكيل محافظة شبوة