كيفَ سيقرأ العربُ ومُثقَّفُوهُم بالتَّحديدِ سحبَ الجنسيَّةِ الكويتيَّةِ عنُ المُفكِّرِ الكويتيّ / الدُّكتُور/ طارق السُّويدان ؟
أ. د / عبدالعزيز صالح بن حَبتُور
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تناقلتْ وسائلُ الإعلامِ الكويتيَّةُ والعربيَّةُ والأجنبيَّةُ خبراً مُهمَّاً وصادِماً نشرتْهُ الجريدةُ الرَّسميَّةُ في الكويت: ( الكويتُ اليوم ) بشأنِ مرسُومٍ يقضي بسحبِ الجنسيَّةِ من 24 شخصاً، وممَّن اكتسبَها معَهُم بالتَّبعيَّةِ ، من بينِهِمُ الدَّاعيةُ طارق السُّويدَان، ونصَّ المرسُومُ الأوَّلُ رقم 227 لسنةِ 2025 م: على سحبِ الجنسيَّةِ مِنَ الدَّاعيةِ الإسلاميّ / طارق مُحمَّد صالح السُّويدَان، وممَّن يكونُ قد اكتسبَها معَهُ بطريقةِ التَّبعيَّةِ.
علماً بأنَّ الحُكومةَ الكُويتيَّةَ بقيادةِ أميرِ بلادِها ( المُعظَّمِ أو المُفدَّى ) قد شكَّلتْ لجاناً وهيئاتٍ، وفرقَ تجسُّسٍ، وتحقيقٍ، وتدقيقٍ، وتمحيصٍ، وتصحيحٍ في جميعِ ملفَّاتِ مَن حصلوا على هَذِهِ الجنسيَّةِ الكويتيِّةِ عاليةِ المُقامِ، والرِّفعةِ ، وقد وصلَ عددُ مَن سُحِبتْ جنسيَّاتُهُمُ الكويتيةُ في ديسمبر / كانون الأوَّل 2024 م إلى 3701 فردٍ، أو شخصٍ، أو إنسانٍ .
ومن بينِ مَن سُحِبتْ جنسيَّاتُهُمُ الكويتيَّةُ شخصيَّاتٌ بارزةٌ في المُجتمعِ الكويتيّ ، منهُم أعضاءٌ في البرلمانِ الكويتيّ المُنتخَب ، وقادةٌ عسكريُّون، وأمنيُّون، وأساتذةُ جامعاتٍ، ومُفكِّرون لامِعونَ على المُستوى الدَّوليّ .
أيُّ مُستمعٍ سويٍّ لخبرٍ صادِمٍ كهذا سيُصابُ بالذُّهولِ، ورُبَّما بالصَّدمةِ ، أليسَ مَن حصل على جنسيَّتِهِ الكويتيَّةِ التي هي عمليَّاً لا تُساوي تلكَ القيمةَ العظيمةَ، والمُتفرِّدةَ الَّتي يتباهى بها ذلك الأميرُ الذي لم يُقدِّمْ للكويتِ، وشعبِها الطَّيبِ نصفَ، أو رُبعَ الخِدماتِ التي قدَّمَها مَن سُحِبتْ جنسيَّاتُهم، كالمُفكِّرِ الكبير الدُّكتُور طارق السُّويدَان الذي ذاعَ صيتُهُ مُنذُ ما يُقاربُ ثلاثةَ عقودٍ، أو يزيدُ، قدَّمَ للكويت، وشعبِها الطَّيِّبِ الأعمالَ الفكريَّةَ الجليلةَ الآتيةَ :
* ألَّفَ، وكتبَ مايزيدُ على 125 كتاباً تحوي عِلماً نافِعاً في الفِكرِ، والثقافةِ، والتَّدريبِ، والتأهيلِ، والتاريخ، ونُهوضِ الأمَّةِ، بما فيها الشَّعبُ الكويتيُّ.
* قدَّمَ العديدَ مِنَ المُحاضراتِ التَّنويريَّةِ المُتلفزةِ تجاوزتْ أكثرَ من مائةِ ألفِ مُحاضرةٍ، وحِوارٍ، ومُناصرةٍ .
* قام بتدريبِ عشراتِ الآلافِ بدوراتٍ مُباشرةٍ، واستمع رُبَّما الملايينُ مِنَ المُتابعينَ لتسجيلاتٍ تلفزيونيَّةٍ، و وإذاعيَّةٍ .
* أسَّسَ، وأنشأ ما يزيدُ على 90 شركةً، ومُؤسَّسةً، ومُنظمةً لخدمةِ الأمَّةِ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ، بما فيها الشَّعبُ الكويتيُّ.
* يُعدُّ الدُّكتُور من أصحابِ المشاريعِ الفكريَّةِ عاليةِ المُستوى في مجالِهِ واختصاصِه ، وهوَ صوتٌ مسمُوعٌ لخدمةِ الأمَّةِ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ، وتضمنها الكويتُ الشَّقيق.
تخيَّلوا معي بأنَّ مُفكِّراً لامعاً كهذا تُسحبُ منه الجنسيَّةُ الكويتيَّةُ جرَّاءَ قراراتِ لجانٍ بيروقراطيَّةٍ مريضةٍ تولَّتِ النظرَ في شُؤونِ الأمَّةِ، أيُّ أمَّةٍ هَذِهِ، وأيُّ بلدٍ، أو شعبٍ ، يُصيغُ قراراتٍ كارثيَّةً تضرُّ بالبلدِ، والشَّعبِ، وبالإنسانِ ذاتِه ، وبعدَ ذلكَ ياتي صاحبُ الجلالةِ المُعظَّمِ، ويتَّخذُ قرارَ الإعدامِ، والفصلِ بحِرمانِ هَذِهِ الشَّخصيَّةِ اللامعةِ من جنسيَّتِها الكويتيَّةِ التي رفعتْ اسمَ الكويتِ، وشعبَها الطيِّبَ عالياً إلى حدُود الثريا ، وللأسفِ يُتَّخذُ القرارُ الجائرُ بدونِ تمحيصٍ وتدقيقٍ ممَّا قدَّمَه هؤلاءِ الأفرادُ المُشكِّلونَ اللجانَ البيروقراطيَّةَ المريضةَ المُعقَّدةَ .
قانونُ الجنسيَّةِ – الذي عُمِّمَ في منطقتِنا، و بلدانِنا العربيَّةِ والإسلاميَّةِ – جاءَ بعدَ فرضِ اتفاقيةِ سايكس / بيكو الصُّهيونيَّة ، وهو مثارُ جدلٍ واسعٍ بينَ أوساطِ طبقةِ القانونيينَ، والمُثقفينَ، والحُقوقيينَ، وحقوقِ الإنسانِ في العالمِ العربيِّ والإسلاميّ ، والسُّؤالُ المنطقيُّ هُنا ؟ لماذا كلُّ هَذِهِ القيودِ والتشدُّدِ والشَّراسةِ، والحِدَّةِ في تطبيقِ نصُوصِه وبنُودِه، وموادِّه في تلكَ البلدان ( المُتخَمَة ) ، وأقصدُ هُنا بلدانَ الخليج الفارسيّ، أوِ العربيّ .
ماهيَ الرسالةُ الأخويَّةُ العُروبيَّةُ، والإسلاميَّةُ الَّتي تريدُ الطبقةُ الحاكمةُ في دولِ مجلسِ التعاونِ الخليجيّ إرسالَها إلى بقيَّةِ الشُّعوبِ العربيَّةِ ومُثقَّفيها ؟
الغريبُ في الأمر بإنَّ الحُكَّامَ الخلايجةَ كطبقةٍ فاسدةٍ قذرةٍ مريضةٍ قد وظَّفوا أموالَهُمُ الباذخةَ الفائضةَ النَّجسةَ في جميعِ الحُروبِ العُدوانيَّةِ الخارجيَّةِ والداخليَّةِ على عالمِنا العربيِّ، وتحديداً في مِصرَ العُروبةِ ، والعراقِ العظيمِ ، وسُوريا الحضارةِ ، ولبنانَ، أيقونةِ الأمَّةِ العربيَّةِ، واليمنِ، أصلِ العرب ، وليبيا، والجزائر، وأخيراً بالسُّودانِ الشَّقيق، أي إنَّ أموالَكُمُ القذرةَ دمَّرتُم بها الشُّعوبَ العربيَّةَ والإسلاميَّةَ، وتاريخَها الحضاريَّ العريقَ.
نعم نعم يُدركُ الرأيُ العامُّ العربيُّ بأنَّ الحُكَّامَ الخلايجةَ هُم جُزءٌ مِنَ المشروعِ السِّياسيّ والأمنيّ الصُّهيونيّ الأمريكيّ الإسرائيليّ، وإلا لِمَ خدمتُم جيشَ الكيانِ الإسرائيليّ في عُدوانِه الوحشيّ على قطاعِ غزَّةَ الذي أستمرَّ لعامينِ مُتتالينِ مِنَ الإبادةِ الجماعيَّةِ، والتجويعِ والحصارِ والتطهيرِ العِرقيّ ، وثار العالمُ كلُّه ضدَّ الكيان ، وأنتُم لم تحرِّكوا ساكناً، سوى بياناتٍ، وتصريحاتٍ، واجتماعاتٍ، ومُؤتمراتٍ لا قيمةَ لها، ولا أهميَّةَ، ولا صدىً إيجابيَّاً.
وعودةً على التجنيسِ الخليجيّ المُثقلِ بالمثالبِ ، وتأثيرِ سحبِ الجنسيَّةِ من مُواطنيكُمُ الذين خدمُوكُم عقوداً، هي بمثابةِ نقيصةٍ أخلاقيَّةٍ، وعيبٍ كبيرٍ لنظامِكُمُ السِّياسيّ المُستمدِّ من تُراثٍ إداريٍّ قادمٍ من بينِ كثبانِ رمالِ الصَّحراءِ الجافَّةِ، وتُراثِ تربيةِ المواشي، والبُعران، والتقطُّعِ والنَّهبِ والسَّلب لقوافلِ المارَّة المُسافرينَ بمناطقِكُمُ الفقيرةِ أخلاقيَّاً، بما فيها قوافلُ حُجَّاجِ بيتِ اللهِ الحرامِ، والمُعتمرينَ لزيارةِ قبرِ رسُولِنا الأعظمِ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّم.
ألم تتسابقوا كحُكَّامٍ خلايجةٍ على منح جنسيَّاتِ ممالكِكُم للرَّاقصاتِ، والمُومساتِ، والمُغنِّياتِ، والمُوسيقيَّاتِ، والرياضيين من حولِ العالم ، وتستكثروا منحَ جنسيَّتِكُمُ المُهترئةِ أخلاقيَّاً لمُفكِّرٍ بارزٍ، وعالمِ دينٍ مُحترمٍ، وأستاذِ جامعةٍ ، يبدو أنَّكُم، وحُكمَكُمُ السِّياسيَّ إلى زوالٍ باتٍّ بإذنِ اللهِ عمَّا قريبٍ؛ بسببِ سُلُوكِ حُكَّامِكُمُ الشَّاذِّ والمريضِ المُعادي للأمَّتينِ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ.
وللتذكيرِ فحسبُ فأنَّ أسيادَ الخلايجةِ الأمريكانِ والأوربيينَ إذا لجأ أحدُ مُواطني الكرةِ الأرضيَّةِ لطلبِ جنسيَّتِهم، وأقرَّوا له الجنسيَّةَ ، لحظتَها يستطيعُ الحُصُولَ على الجنسيَّةِ الأورُوبيَّةِ، أو الأمريكيَّةِ بعدَ خمسةِ أعوامٍ فحسب ، وبعدَها يحقُّ له أن يكونَ عضواً فاعلاً في الكونجرس الأمريكيّ، مثال السِّيدة / الصُّوماليَّة / الأمريكيَّةِ/ إلهان عُمر ، والسِّيدة/ الفلسطينيَّةِ/ الأمريكيَّةِ/ رشيدة طليب، أو يكونَ عُمدةً جديداً لمدينة نيويورك، مثال الشَّاب المُسلم الاشتراكي / زهران ممداني .
متى يتعلَّمُ هؤلاءِ الحُكاَّمُ الخلايجةُ من غيرِهم ؟
الخُلاصة :
ــــــــــــــــــــ
اللهُ سبحانَه وتعالى يمتحنُ عبدَهُ المُؤمنَ بالمالِ حَتَّى الغِنى الفاحشِ ، فمَن سلكَ سُلُوكَ الأسوياءِ في التعامُلِ مع هذهِ النعمةِ نجَّاهُ اللهُ في الدُّنيا والآخرةِ ، وكُتبَ له في سجلِّ التاريخ بأحرفٍ من نورٍ دورُه وأثرُه وفعلُه الحميد ، والعكسُ بالعكس، إذا استغلَّ ذلك المالَ والغِنى في طريقِ الشَّرِّ، وأذى الآخرين، فلن يكتبَ له سوى الخِزي والعارِّ في حياتِه، وجهنمَ وبئسَ المصيرُ في الآخرة.
ولنتذكَّرِ الآيةَ الكريمةَ الَّتي خاطبَ بها اللهُ جلَّ جلالُهُ الفاسدَ قارونَ بقوله : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم {. إِنَّ قَرُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوا بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ
لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}
صدقُ اللهُ العظيم.
“وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيْمٌ”
عُضو المجلسِ السِّياسيّ الأعلى في الجُمهوريَّةِ اليمنيَّةِ/ صنعاء؛؛؛


