التخطي إلى المحتوى
أوكرانيا واليمن وليبيا.. ازدواجية المعايير ” تقرير”

أوكرانيا واليمن وليبيا.. ازدواجية المعايير ” تقرير”.

كتب : وسيم الشرعبي.

تعرضت أوكرانيا لاجتياح روسي موجه عسكريا ضد نظام الحكم في كييف وبعيدا عن الخوض بالأسباب التي تسوقها روسيا أو يسوقها الغرب، يبقى أن المتضرر الأكبر من هذا الغزو هم المدنيين، لكن هل يمكن مقارنة الضرر الذي وقع على المدنيين في أوكرانيا بالضرر الذي وقع على المدنيين في اليمن أو ليبيا أو سوريا؟

لا يمكن مطلقا مقارنة الأضرار التي لحقت بالمدنيين في أوكرانيا بما لحق بنظرائهم في اليمن مثلا والتي أعلنتها الأمم المتحدة أسوأ كارثة إنسانية بالكوكب منذ عدة أعوام أو سوريا أو ليبيا رغم ذلك فإن الغرب حشد طاقاته وسخر إمكاناته الدبلوماسية والعسكرية لنصرة أوكرانيا بعد أقل من أسبوع من اجتياحها بينما ترك ملايين المدنيين بالبلاد العربية والأفريقية يواجهون مصير مأساوي.

قد يقول قائل أن الغرب يملك الحق بأن يحرك دبلوماسيته والته الإعلامية والعسكرية لحماية مصالحه التي تهددها روسيا بينما الدول العربية والافريقية مثل تيجراي لا تمس مصالحه، ورغم ما بهذا المنطق من براغماتية تخرجه عن النسق الأخلاقي فإننا اذا ما سلمنا به لا بد أن نقول أن الغرب ليس المالك للمؤسسات الدولية التي يحركها لأجل مصالحه هي الأخرى وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية وأجهزة الأمم المتحدة.

 

مجتمع دولي واحد ومعايير مزدوجة

بينما تحركت المحكمة الجنائية الدولية وأجهزة الادعاء العام (النيابة العامة) في بعض دول أوروبا لفتح تحقيقات في الجرائم التي ارتكبتها روسيا في أوكرانيا بعد عدة أيام نراها تغمض عينيها عن مأسي الشعوب العربية والأفريقية كاليمن وسوريا وليبيا وإقليم تيجراي والتي تمتد مأسيهم لسنوات وقد تطول لسنوات أخرى، وذلك رغم الجهود المضنية التي بُذلَت لأجل تحقيق العدالة لهذه الشعوب وتخفيف معاناتها بعض الشئ.

ففي سنة 2018 تأسست مجموعة العمل الدولية لأجل السلام في ليبيا وكانت أولى أهدافها تفعيل دور المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق العدالة للشعب الليبي لكن مذكرات اعتقالها لم تصل الا محمود الورفلي أحد رجال خليفة حفتر والذي تم قتله على يد رجال حفتر، وامتنعت الجنائية الدولية عن تناول حفتر نفسه بسياق مستغرب، كما نشطت مجموعة العمل الدولية لأجل السلام في ليبيا بشكل لافت للنظر في المجتمع الدولي لدرجة دفعت رئيس الوزراء الليبي الأسبق السيد عمر الحاسي ومعه عدد من أساتذة القانون الدولي والعلوم السياسية وكذلك أعضاء في البرلمان الأوروبي لترشيح السيد محمود رفعت مؤسس المجموعة لجائزة نوبل للسلام لجهوده بإيصال المساعدات للمدنيين بالمدن المحاصرة وكذلك جهوده الدولية.

وفي العام التالي 2019 تأسست مجموعة العمل الإنساني لأجل اليمن بهدف تفعيل دور المجتمع الدولي لاحلال السلام  وملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية في اليمن وايصال المساعدات الإنسانية للمدنيين في اليمن، وكسابقتها حققت هذه المجموعة حضور دولي لافت، دفع عضو البرلمان الأوروبي عن المانيا وقتها السيد كلاوس بوكنر ومعه برلمانيون أخرون لترشيح مؤسس المجموعة ورئيسها السيد محمود رفعت لجائزة نوبل للسلام وذلك لجهوده لاحلال السلام في اليمن وسعيه لإيصال المساعدات الإنسانية خاصة الطعام والدواء للمدنيين المحاصرين.

وقد يلخص كامل المشهد حصول رئيس وزراء أثيوبيا أبي أحمد على جائزة نوبل للسلام وقد أعلنت لجنة الجائزة منحه إياها في أكتوبر 2020 لنشره الديموقراطية بينما كان قد ألغى الانتخابات ونصب نفسه امبراطورا قبلها بسهر في سبتمبر 2020 ومن وقتها تحاصر قواته إقليم تيجراي وارتكبت به مجازر جماعية وسلسلة طويلة من الجرائم ضد الإنسانية والتي يغمض المجتمع الدولي عينه عنها كما يغمض عينه عن مأسي الشعوب العربية في اليمن وليبيا وسوريا.