مفاوضات السلام اليمنية .. الأمريكي يطلق رصاصة الرحمة في اللحظة الأخيرة
كتب / عدنان باوزير
لا يعنينا القرار بحد ذاته ولكن ما يعنينا هو تداعيات القرار على اليمن وبالذات في نقطتين :
أولاً وهذا هو الأهم : جهود التسوية الجارية :
لا قلق ولا تأثير من إعادة تصنيف أنصار الله كجماعة (إرهابية) على قوائم الإرهاب الأمريكية ، والجميع بات يدرك مدى التوظيف السياسي الوقح لهذا القرار ، خصوصاً بعدما اُسقط في يدها وفشل حلفها (حارس الإزدهار) ولم يحقق عدوانها السافر على اليمن في ردع أو ثني الأنصار عن موقفهم المبدئي المتمثل في حظر ملاحة السفن الإسرائيلية أو المرتبطة معها في باب المندب والبحرين العربي والأحمر ، بل وازدادت وتيرة عملياتهم شبه اليومية وفشلت كل وسائل الضغط والتهديد والوعيد الأمريكي ، فجاء هذا القرار البائس واليائس (مع وقف أو تأجيل التنفيذ 30 يوما ) كمحاولة أخيرة للجمهم أو احتوائهم .
لن يكون للقرار أي تأثير فعلي على الأرض كما صرح بذلك اليوم متحدث الأنصار محمد عبد السلام ، ومع ذلك فلا أحد كان يريده ولكن هكذا جرت الأمور وهذا هو آخر تحديث للحماقة والغطرسة الأمريكية المستفحلة ، ولدى الأنصار تجربة مع هذه الحالة بالذات وخبرة في التعامل معه منذ وجودهم السابق على هذه اللوائح والتي دأبت أمريكا في التلويح بها واستخدامها كبعبع تخوّف به الشعوب ووسيلة قمع وإرهاب حقيقي لإخضاعها والهيمنة على مقدراتها .
ومع ذلك فنحن دعاة سلام ومتعطشون للسلام بعد أن مزق العدوان الخارجي والصراعات والحروب المنبثقة عنه بلادنا وطحنت شعبنا المعاناة والأزمات الإنسانية المتفاقمة ، الوضع الداخلي اليمني صار لا يطاق ولا يُحتمل والأخطار الجسيمة المحدقة باليمن بلغت أوجها ولابد من تدارك الأمور ، وهذا ما جرى بالطبع خلال فترة الهدن المتعاقبة خلال السنة الماضية في محاولة لرتق هذا التمزق المؤسف في اللحمة الوطنية ونسيج المجتمع وإنقاذ ما تبقى وإعادة بناء اليمن الجديد فوق أنقاض الدمار الرهيب الذي خلفه العدوان .
لقد أصبحت السلام قريب المنال وكدنا أن نلمسه بأيدينا وأضحت التسوية ممكنة جداً في أي لحظة للخروج من عشرية الجمر الرهيبة التي أثخنت فينا الجراح ، حيث تجلى ذلك من خلال تسريبات الوسطاء وتصريحات حتى الفرقاء أنفسهم ومن خلال مصادر دولتي العدوان ، تم للأسف إضاعة الكثير من الوقت الثمين وكانت السعودية وشريكتها وأدواتهما كلما أقترب الموعد تضعان العصا في العجلة ، وكلما اُذيع أن كل وثائق التسوية جاهزة وتم حسم جميع نقاط الخلاف ، عملت السعودية على التسويف والتأجيل وكأنها تراهن على شيء لن يحدث وعادت تداعب حلمها المريض الأوهام ، وكأن تجرع السم الزعاف أهوّن عليها من القبول بهكذا تسوية رغم ما تحمله بطياتها من انقاذ ومخرج (مشرف) لها ويحفظ ماء وجهها وتنازلت الأطراف الوطنية اليمنية كثيراً إحساس منها بالمسئولية والخروج من هذا المأزق رغم التضحيات ، ولكن السعودية ببساطة هي من يعرقل ويعيد النقاش في كل مرة الى المربع الأول من جديد ، وتضييع الوقت في جدل بيزنطي عقيم ، فقط جدل من أجل الجدل والمماطلة ، تارة بإفتعال نقاط خلاف جديدة واختلاق أزمات مفتعلة وتارة خضوعاً لضغوطات الأمريكي .
كيفما كان الحال ، فإن الخشية الآن وهي خشية مبررة من ضياع تلك الجهود والتي كنا على وشك قطافها بعد أن أصبحت التسوية على كف عفريت.
فهل ستجرؤ السعودية – حتى وإن كان هذا الأمر لمصلحتها – ومعها أدواتها المحلية من المرتزقة وسلطة حكومة الفنادق العميلة على تتويج جهود أكثر من سنة تفاوض وتواصل التفاوض أو حتى التوقيع على تسوية مع (جماعة) تصنفها أمريكا كجماعة إرهابية ؟؟ لم تجرؤ على فعل ذلك قبل القرار فما بالك الآن !!
حتى الوسطاء أنفسهم أختلف الوضع بالنسبة لهم الآن بما فيهم حتى الرعاة الأمميون.
وهذا هو أسوأ ما في هذا القرار اللعين من تبعات مؤسفة ، ناهيك عن عودة الحرب الشعواء نفسها بعد 8 سنوات من القتل والدمار والحصار وإراقة الدماء ، فهذا هو السيناريو البديل عن إنهيار مفاوضات السلام ، وبات يعلم الجميع أن هذا السيناريو القديم الجديد لن يحقق أي شيء ولن تصل عبره لا أمريكا ولا وكلاها المحليون ومرتزقة الرخاص الفاشلون الى أي هدف سوى مزيداً من تدمير المدمر وتمزيق الممزق وعودة دولاب الموت الرهيب ليحصد المزيد من الأرواح ، وعشم إبليس في الجنة .
لا أحد يريد العودة الى القتال ولكن إذا فُرض هذا فلا مناص ، وقد جربت السعودية ومرتزقتها ورعاتها الأمريكان والغربيون والصهاينة أصحاب قرار العدوان ، جربوا بأس الأنصار وشجاعتهم وبطولاتهم ، وما يدريك لعل الله لم يرد للسعودية ومرتزقتها ذلك المخرج المشرف وأراد لها أن تُذل وتهان وتدفع ثمن كل جرائمها ومجازرها بحق اليمنيين , وقد ما أعز الله هيّن والخيرة فيما أختاره الله ولا تدري لعل في ذلك خيرا ..
** النقطة الثانية لتداعيات القرار الأمريكي وباختصار شديد جداً تجنباً للإطالة هي التأثير السلبي والمباشر على جهود الإغاثة الإنسانية ونشاط المنظمات الأممية العاملة في اليمن ،حيث لن يتيح لها تصنيف الأنصار على القائمة اللعينة أي هامش تحرك وسيعرقل أعمالها كثيراً ان لم يوقفها نهائياً ، فلا أحد من تلك الجهات يرغب في تحدي أمريكا وحتى لو أراد فلن يستطيع ، الا إن هذا التأثير ليس بتلك الأهمية في الوقت الحالي ، لأنه حصل خلال الفترة المنصرمة تقليص كبير بل وتوقيف لكثير من أوجه الإغاثة والمساعدات الإنسانية ودائماً بضغوط أمريكية
نقلا عن موقع الأحقاف نيوز