كربلاء الحسين بين الأمس واليوم
عبدالله الحنبصي
يصادف العاشر من محرم يوم عاشوراء، ذكرى استشهاد الامام الحسين عليه السلام في معركة كربلاء التي دارت رحاها على أرض كربلاء في اليوم العاشر من محرم سنة 61 للهجرة وسقط فيها مجموعة من الشهداء وعلى رأسهم الإمام الحسين بن علي (ع) مع ابنين له أحدهما رضيع، وكذلك إخوته وبني إخوته وأبناء عمومته من بني هاشم، وعصبة من أصحابه، حين قرّروا البقاء مع الحسين ومنازلة جيش يزيد بن معاوية بقيادة عمر بن سعد.
وتعد واقعة عاشوراء من أشهر الحوادث المأساوية في التاريخ حيث جرت فيها الانتهاكات وهتك الحرمات، فكانت لها انعكاسات وأصداء واسعة..
ويأتي احياء ذكرى هذه الذكرى الأليمة، والفاجعة الكبيرة، في اليمن بذلك الزخم الكبير كتعبير من تعبيرات الولاء لسيِّد الشهداء، وموقفه الحق، وقضيته العادلة سيما وان الإمام الحسين واجه من حاربوا جده الرسول الأعظم 21 عاما قبل وبعد الهجرة ووالده الإمام علي عليهما السلام، وكذلك كتعبير عمَّا يعنيه الإيمان لنا، وذلك من منطلق ما عبَّر عنه رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” في قوله: ((حسين منِّي وأنا من حسين، أحب الله من أحبَّ حسيناً، حسينٌ سبطٌ من الأسباط))، وفي قوله عنه وعن أخيه الإمام الحسن المجتبى: ((الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة)).
عاشوراء الامام الحسين لم تنته إلى اليوم فهي لا تزال تواجه يزيد واحفاده فعلى مدى العقود الماضية سعى احفاده من ال سعود الى تكرار الواقعة، حيث أقدمت عصابات الوهابية ، في 20 ابريل عام 1802م على إجتياح المدينة قبل أن تعيث بها فساداً وتخرّب المراقد المقدسة وتنهبها، وإستباحت الدماء والأموال، مرتكبةً مجزرةٍ إهتزَ لها ضمير العالمُ الإسلامي والإنسانية جمعاء .
وأوغل ال سعود في قتل أهالي المدينة المقدسة، حتى الشيوخ والنساء والأطفال لم يسلموا من الحقد الوهابي الأعمى، وقد قدر عدد الضحايا حينها بين الفين الى خمسة آلاف شخصا.
وفي عصرنا الحاضر نجد التشابه والتطابق التام بين الموروث الجاهلي، الذي حمله وتحرك به طغاة بني أمية، ويزيد بن معاوية، وبين جاهلية العصر، والطغيان المعاصر، الذي تقوده القوى العظمى عبر أدواتها ومنها النظامين السعودي والإماراتي، ومن يحذو حذوهما، من الأنظمة والكيانات العميلة في عالمنا العربي والإسلامي، وخير شاهد على ذلك هو العدوان السعودي الاماراتي الأمريكي على الشعب اليمني المستمر منذ العام 2015 وحتى اليوم ..
لم يكتفوا بقطع رؤوس النساء والأطفال والشيوخ بل ذهبوا إلى استهداف المقابر والطرقات ودمروا المنازل واستهدفوا الأسواق والمدارس والمساجد وفعلوا أكثر مما يتصوره عقل، كما حاصروا الشعب اليمني في لقمة عيشه وفي الأدوية والمستلزمات الطبية، حتى اصبحت عاشوراء اليمن تعانق عاشوراء كربلاء .
ورغم كل هذا الطغيان والإجرام بقيت صرخة المستضعفين هي الأقوى خاصة مع امتداد نسل الامام الحسين، ولا ننسى هنا مواقف اليمنيين في نصرة الدين الإسلامي ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والإمام علي كرم الله وجهه الذي خرج في صفين ب 40 الف مقاتل من اليمن واستشهاد 52 فارسا يمنيا من أصل 72 كانوا مع الإمام الحسين عليه السلام.
ولا زال اليمنيين يعيشون الآن كربلاء الحسين، واستطاعوا أن يسقطوا رهانات أمريكا وعملائها في المنطقة ، خاصة وأن موازين القوى اليوم تميل لصالح اليمن على حساب دول العدوان ومرتزقتهم، وذلك بعد أن أخذ اليمنيين الدروس والعبر من الذكرى وأخذوا الفائدة والحكمة والعظة الناصعة للأمة.