الأنصار ..الوقوف على سلك مشدود
كتب/ عدنان باوزير
انتهت الحرب على غزة وعدنا الى نفس المأزق، حالة الجمود أو قل حالة الموات الذي تعاني منه (الأزمة اليمنية)، وظلت مكانها تراوح، محلك سر، من دون حتى أي إشارات أو ارهاصات حقيقية أو تسجيل أدنى حالة اختراق لكسر جمود هذا الحالة المميتة، وكأننا بتنا نهيم في نفق مظلم لا نهاية أو مخرج له. هذا في حين المعاناة الشعبية في اليمن تتفاقم وتنذر الحالة بالانفجار، والحالة هنا عامة، انفجار لا أحد يستطيع أن يتنبأ بحجمه وبكارثية تبعاته على الجميع، وعلى أطراف الصراع الثلاثة المباشرة والرئيسية نفسها (أنصار الله، الفصائل اليمنية المختلفة المنضوية تحت لواء ما يسمى ب (التحالف العربي)، والسعودية (الدولة الأولى المتورطة في هذه الحرب)) – والحالة هذه خاصة بأطراف الصراع هذه- حيث تكبر وتتضاعف الاستحقاقات المؤجلة وتشكل ضغطاً قاتلاً على الجميع.
وتختلف تأثيرات هذه الاستحقاقات وحجم ضغوطها ناهيك عن مستوى المسئولية الوطنية ودرجة الإحساس بها، وذلك بنسب مختلفة على هذه الأطراف، والتي تشكل أضلاع هذا المأزق على النحو التالي:
أولاً : أنصار الله (الحوثيون) :
وهم كما أثبتت الوقائع يريدون السلام ولا يريدون الحرب – أقصد لم تعد الحرب لديهم مطروحة كخيار ولكن إذا ما فُرضت عليهم فهذا كلام آخر – وهو أيضاً وكطرف وطني وحيد في مثلث المأزق هذا – هكذا أقرأهم بكل تجرد، وأنا حر في قراءاتي، ولدي ما يثبت هذا الاعتقاد- هو بصفتهم هذا أكثر الأطراف تضرراً من حالة المراوحة هذه، بعد أن وقعوا في فخ الهدن –حقناً للدماء- والتي تمططت وما عادت تشكل أي جدوى، ووضعهم الحالي بالضبط كالواقف على سلك مشدود معلق في الهواء، والهاوية عن اليمين والشمال، فلا هم يستطيعوا أن يتقدموا للأمام لأن هذا معناه العودة للحرب، كما أن الرجوع للوراء ممنوع لديهم وغير وارد، وعليهم فحسب المحافظة على توازنهم ومواصلة الوقوف (المغامرة)، فموقعهم الوطني يحتم عليهم الحسم في الملفات المفتوحة والاستحقاقات المؤجلة، والتي ليس أولها مسألة (المرتبات) ولا آخرها كسر الحصار المفروض، كما أن من أهم مسئولياتهم بحكم موقعهم هذا هي مسألة تطبيع الحياة في اليمن، فهذا الوضع القائم هو وضع استثنائي وشاذ ويجب انهاءه بأسرع وقت ممكن، لأن استمراره خطير وله تبعات مدمرة، فقد ييأس الناس كما أن طول الأمد يسهم في تفريخ وتنامي مشاريع صغيرة أخرى قد تتحول يوما ما الى أمر واقع يهدد وحدة وسيادة اليمن كدولة، ناهيك أن تلك الملفات هي بمثابة أوراق يتلاعب ويضغط بها خصومهم عليهم ويزايدون بها لتهييج الشارع في محافظات الشمال الحرة. وقد طال الأمد فلا استحقاق تحقق ولا سلام أتى ولا أي اعتراف خارجي حصل، ولا أي اختراق يُذكر وقع، فإلى متى سيستمر هذا الوضع، لا يمكن أن يدوم الى ما لا نهاية.
ثانياً : حكومة (الفنادق) وشتى فصائل (المرتزقة) الموالية للعدوان:
وهذا الطرف يريد الحرب ولا يريد السلام، أو هكذا على الأقل يزايدون بهذا، وتبعية هذا الطرف الكاملة والمعيبة للخارج تجعله مجرد تابع وتجرده من أي قدرة على أتخاذ أي مبادرة، مسئوليته (الوطنية) للأسف منعدمة تماماً، هم يريدوا أن يعودوا للحكم فقط ولو على جثة الوطن الممزق، كما تنعدم لديهم أي رؤية أو مشروع خاص – وهذا بشهادة أصوات منهم ومن حلفائهم- يعيشون مرفهون في فنادق الخارج وقد تركوا مناطق نفوذهم تطحنها الأزمات والصراعات دون أي إحساس بالمسئولية، وضعهم الا وطني هذا (مريح) على المستوى الشخصي، فهم (حكومة) مُعترف بها دولياً والسلطة وان كانت اسميه بأيديهم، والسعودية تنفق عليهم إضافة الى ايراداتهم من مناطق نفوذهم، والوقت لا يعنيهم البتة، بالعكس هؤلاء يتمنون لو يدوم هذا الوضع الى الأبد.
ثالثاً: السعودية :
السعودية بكل وضوح لا تريد الحرب ولا تنشد السلام، ولماذا عساها تريد عكس ذلك؟ وضعها مريح للغاية، فلا حرب قائمة تقلقها، ولا سلام يلزمها بإستحقاقات تعمل على التملص منها، هي فقط تنفق اليسير على عملائها المحليين المطيعين وهم يتولون إدارة الأمور، كما أن حتى هذا الجانب (المادي) قد قلصت كثيراً في الأونة الأخيرة، وما عادت تنفق عليهم الا بالقطارة، فقط بالقدر الذي يبقي سلطة حكومة الفنادق قائمة وحسب. هي فقط تراقب وضع الأنصار الغير مريح ومنتظرة أي فرصة ضعف لتنقض عليهم وتنهي هذا الأمر، تنهيه بطريقة لا يترتب عليها أي استحقاقات، ولا نعني هنا الاستحقاقات المالية فحسب، فهذا من أبسط الأمور على دولة فاحشة الثراء مثلها، ولكن الاستحقاقات القانونية والإنسانية الأخرى وتحمل تبعات جرائمها المهولة في اليمن، فأي سلام مع الأنصار سوف يتضمن هذه الملفات ويبقي على الأقل الملفات المعنوية الأخرى مفتوحة، كما أنه ومهما كان هذا السلام فأنه لن يبقي يدها مطلقة بالكامل كما تريد، كما أنه – السلام- سيعيد طرح الأسئلة عن جدوى هذه الحرب من أصله، ومن أنتصر فيها ومن هُزم، إذن فلتواصل لعبة تقطيع الوقت، وتنتظر حدوث أمر ما قد يُسقط الأنصار، وعند ذلك ستحقق مشاريعها في اليمن بأريحية، كما ستغلق ملف الحرب نهائياً، ولا أحد سيطالبها بشيء، وستُلقى كل التبعات على الأنصار وتحميلهم ولوحدهم مسئولية هذا الدمار العبثي الرهيب.
طيب والحل ؟؟ الحل يكمن في تسخين الأزمة ليلتفت اليها الجميع ويُرغمون على الإذعان، لأن لا أحد يتعاطى في السياسة مع مشكلة باردة، وعلى الأنصار تقع هذه المهمة إن أرادوا تحريك الجمود القاتل الحاصل، لا يعني هذا العودة للحرب فهذا أمر لا يريده الكثير، ولكن اللعب في هامش الحرب والا حرب، وان يستثمروا استثمار جيد أي أوراق ضغط يملكونها، وهي قليلة، شيء من قبيل سياسة (حافة الهاوية)، بالضبط كما تعاملوا وبحرفنة مشهودة مع مسائل سابقة، كأزمة نقل مراكز البنوك من صنعاء الى عدن ومحاولة خنقهم اقتصاديا، فقد اوتي تهديدهم وتصعيدهم الكلامي اُكله ورضخت السعودية، يعني شيء كهذا والسلام
نقلا عن موقع الاحقاف نيوز


