التخطي إلى المحتوى
عودة الوعي العربي  نحو فلسطين

عودة الوعي العربي  نحو فلسطين
مطهر تقي
بسبب دخول الشرطة الإسرائيلية حرم الأقصى ومصادرة منازل في حي الشيخ الجراح في القدس اندلعت حرب قتاليه وإعلامية على الهوى مباشرة في القنوات الفضائية ابتداء من يوم الاثنين الماضي بين إخوتنا ابناء فلسطين في مدينة غزة التي لا يزيد إجمالي مساحتها عن مائة وخمسين ميلا مربعا وعدد سكان يزيد عن المليونين وتشكل اكثر تجمع وازتحام سكاني في العالم وبين العدو الإسرائيلي بكل ملايينه الثمانيه وعاصمته ومدنه ومستعمراته المنتشرة في فلسطين المحتلة…. وبالرغم من وحشية العدو الاسرائيلي وجبروت قوته إلا أن المقاومة الفلسطينية في مدينة غزة استطاعت خلال الأيام الماضية أن تمطر كل المدن والمستعمرات الإسرائيليه بأكثر من ثلاثة آلاف صاروخ متعددة القوة والأبعاد وتمكنت من شل أكثر من سبعين في المئة من سكان وقوى إسرائيل البشرية وقتل وجرح المئات منهم وخسائر اقتصادية كبيره مقابل المئات من الجرحى والشهداء وتدمير مئات المنازل مع ستة ابراج سكنية عالية الطوابق وتدمير البنية التحتية في غزة
اما القتال الإعلامي فكان واضحا من تصريحات المتحدثين العسكريين والسياسيين الإسرائيليين والفلسطينيين التي توجز الحديث عن نتائج الحرب وتتصارع في اظهار الحقائق او إخفائها وواضح ان الفلسطينيين كانو أكثر موضوعية وصدق من الإسرائيليين الذين يحاولون تضخيم قدرتهم العسكرية التدميرية مع أن الهلع والبكاء بين الجنود والمجندات قد اظهرته بعض وسائل الإعلام مقابل صمود أسطوري فلسطيني الذين يؤمنون بقضية عدالة قضيتهم بالرغم من الفارق الكبير بين القوتين… وسط صمت صواريخ إيران وحزب الله التي اكتفت بالدعم الإعلامي والسياسي حتى اليوم ولاندري ما سيحدث غدا
ويلاحظ أن الإعلام العربي الذي شارك بفاعلية في نقل وقائع الحرب قد تنوع بين اعلام مؤيد ضمنيا للجيش الإسرائيلي ومتشفي في منظمتي حماس والجهاد وكان ذلك واضحا في اعلام بعض القنوات الخليجيه التي افردت مساحة للمتحدثين الإسرائيليين وللقطات التلفزيونية لصواريخ القبة الحديدية وهي تعترض الصواريخ الفلسطينية وتحاول تلك القنوات التركيز في أخبارها وتعليقاتها على حجم الخسائر الكبيره في الأرواح والممتلكات الفلسطينيه وكأنها تقول لا داعي لأي تصعيد عسكري مع الإسرائيليين فالنتيجة هي قتلكم ودمار منازلكم واقتصادكم… وقد اخطاء المعلمي مندوب السعوديه في الأمم المتحدة حين طالب الفلسطينيين بوقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل وصدق مندوب جمهورية(إرقواي) ممثل امريكا الجنوبيه حين أكد أن من حق الفلسطينيين أن يطلقوا صواريخهم على إسرائيل فهي دولة احتلال
اما قناة الجزيرة وقناة تركيا العربية فكانت شبه محايدة في النقل والتغطية وقد احسن مراسل الجزيره في غزة حين نقل الحوار الذي تم بين ضابط المخابرات الإسرائيلية الذي طالب صاحب البرج السكني بأخلاء البرج من المراسلين والإعلاميين قبل أن تقوم الطائرات الإسرائيلية بقصفه وتسويته بالأرض
وتعتبر قناة الميادين هي القناة الأكثر تأييدا في تغطيتها للجانب الفلسطيني وعدالة حربه مع إسرائيل… وعموما فالقنوات الفضائيه تعكس الموقف الرسمي لأصحابها ومن يمولها
وما أريد قوله:
ان هذه الحرب وهجوم الصواريخ الفلسطينية على إسرائيل لأول مره بهذا الحجم وبالسعة التي تمت ولازالت قد كسرت التبلد الذي اصاب الوعي والشعور العربي نحو أرضنا فلسطين ونحو اخوتنا ابناء الشعب الفلسطيني الذي استمر ذلك التبلد يتصاعد ويترسخ في نفسية ووعي المواطن العربي منذ مايزيد عن عشرين عاما وذلك بعد انتفاضة عام 2000 وقتل الطفل محمد الدره ووالده وحرب اسرائيل على جنوب لبنان عام 2006وانهزامها أمام مقاومة حزب الله والجيش اللبناني وكذلك انتفاضة الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية عام 2008 و2014فمن يومها ومن بعدها كثفت إسرائيل وأمريكا الجهود الإعلامية والسياسية (بدعم المال العربي وقنواته المشبوهه) لإقناع المواطن العربي أن سبعين عاما من الصراع العربي الإسرائيلي لم تكن نتائجة إلا مزيدا من القتل والدمار والانهيار الاقتصادي للعرب ولابد للعرب أن يرضخو للسلام والتصالح مع إسرائيل وقد ظهر مؤخرا بعض المتصهينين الخليجيين يدعون من داخل إسرائيل إلى السلام مع أبناء العمومة وان شعارات الخمسينات والستينات القومية قد ماتت بموت اصحابها عبد الناصر وميشيل عفلق وحان وقت التكامل الاقتصادي بين العرب وإسرائيل القويه عسكريا واقتصاديا وتكنلوجيا والاستفادة من الخبرات الإسرائيلية في مجال الزراعة و المصارف والصناعة…. وكان آخر حلقة لذلك الانهيار النفسي والمعنوي للمواطن العربي حين اعلن ترامب على لسان مستشاره كوشنر ماسمي بصفقة القرن التي ملخصها يقضي بسيطرة إسرائيل على القدس وإنهاء القضيه الفلسطينيه واستسلام العرب وفي المقدمة أبناء فلسطين لهذا الصفقة ويؤمن أبناء فلسطين بضرورة العيش تحت الاحتلال الديمقراطي الإسرائيلي وقد حرص الرئيس السابق ترامب أن يترأس مراسيم توقيع التطبيع بين دولة الامارات والبحرين مع إسرائيل وظهر برج خليفه ليلة ذلك التوقيع يلفه العلم إلاسرئيلي بأنوار ملونه صادعة وسط صمت عربي مطبق وبلادة رسمية لدولة فلسطين
ومن المؤكد أن كثيرا من الدول العربية قد شاركت بصورة او بأخرى في ترسيخ تبلد الوعي العربي أمام قضية فلسطين خصوصا خلال تولي ترامب السلطة من خلال الضغوط السياسي والاقتصادية التي جعلت دولة مثل السودان العربي المقاوم من عاصمته أعلنت اللأت الثلاث بعد نكسة يونيو عام 1967 على لسان عبد الناصر… تهرول لأقامة علاقة مع إسرائيل بضغوط امريكيه رغما عن إرادة الشعب السوداني…كما أن الخلاف الفلسطيني الفلسطيني قد جعل المواطن العربي يمل من متابعة أخبار الفلسطينيين واختلافاتهم ويشعر بغثيان سياسي وهو يتابع ذلك
ولأن إرادة الشعوب هي من إرادة الله فقد كانت السبعة الأيام الماضية من غضب الشعب الفلسطيني في غزة وثورة أبناء الضفة الغربية وكذلك مناطق الأراضي المحتلة عام 1948 قد بدد وكسر ذلك التبلد في الوعي العربي وبعث فيه الأمل والتحدي للتأكيد من جديد بأن الحق العربي لن يضيع وان الشعب الفلسطيني ومن ورائه الشعب العربي سينتفض اليوم وغدا حتى ارجاع الحق لاصحابه وما المظاهرات الشعبية التي ظهرت اول مرة في عدن في ملعب الحبيشي عقب صلاة العيد يوم الخميس الماضي التي نظمتها بعض منظمات المجتمع المدني ثم مظاهرات لبنان والأردن وتونس وبغداد والتظاهرات التي غطت عدد من العواصم الأوربية للجاليات العربية ومن يؤيد القضية الفلسطينيه من الاوربيين والبقية ستتواصل إلا تأكيد أن الوعي العربي والعالمي قد عاد لزخمه وإيمانه بأهمية القضية الفلسطينيه التي انبعثت من جديد بالرغم من كل الجهود لتدجينه بروح الاستسلام والهزيمة خلال السنوات الماضية ويؤكد كذلك أن الصراع العربي الإسرائيلي قد عاد إلى الصدارة والواجهه السياسية والاعلامية من جديد ولا احد يدري ماذا سيحدث غدا من تطورات في حرب غزة وانتفاضة الضفة الغربية وهل القيادات الفلسطينيه ستعيد النظر في وحدتها بعد هذه اليقظة الكبرى وتكون ارادتهم السياسية على مستوى الحدث وعلى مستوى إرادة شعبهم ام أن اجتماع مجلس الأمن يومنا هذا الأحد سينقذ إسرائيل على حساب الفلسطينيين كالعادة ويعود الخلاف الفلسطيني الفلسطيني من جديد وكأنكم يااهلنا في فلسطين قد قدر لكم أن تكون قيادتكم هي عدوتكم وعدوة قضيتكم العادلة?
والله ناصر أهلنا في فلسطين
2021/5/16الاحد