التخطي إلى المحتوى
الارياني المدلل .. من الارتماء في الاحضان إلى البيع بأبخس الأثمان

الارياني المدلل .. من الارتماء في الاحضان إلى البيع بأبخس الأثمان

منصور الانسي

في الوقت الذي تسعى فيه العديد من الدول لاستعادة أثارها المهربة والمنهوبة المعروضة في المتاحف والمزادات العالمية بكل الوسائل والطرق المتاحة، هناك من لايزال غافل عن أهمية الحفاظ على الإرث الأثري والحضاري والتاريخي لبلدانهم ، متناسين أنه من لا ماضي له لأحاضر له ولا مستقبل.

تعمل بعض الدويلات الحديثة جاهدة بكل الوسائل القذرة والغير أخلاقية على شراء حضارة وتاريخ لها وإقامة متاحف مكتظة بآلاف القطع الأثرية والتاريخية والإسلامية المسروقة والمنهوبة من عدد من الدول العريقة مثل العراق وسوريا واليمن التي أشعلت فيها هذه الدويلات الصراعات والحروب لتتمكن من نهب ثرواتها وخيراتها واثارها بكل يسر وسهولة، وما كشفته الرسالة المسربة لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية عن ضبط عصابة لتهريب الآثار من اليمن إلى السعودية ومن ثم إلى أسواق ومزادات التحف في بريطانيا لم يكن بمستغرب وجديد فهناك مئات بل آلاف القطع الأثرية تم نهبها وسرقتها من عدد من المحافظات اليمنية القابعة تحت الاحتلال الصهيو امريكي بإشراف وتنفيذ سعودي إماراتي بهدف تدمير التاريخ والحضارة اليمنية وإقامة حضارة مزعومة ومفضوحة مبنية على السرقة والسطو والنهب، رغم ان اغلب هذه الدويلات حديثة العهد لا ماضي لها، بعضها ظهرت كمقدمة لظهور كيان الاحتلال الإسرائيلي والأخرى ظهرت لتلعب دور الحليف المتخفي المفضوح.

ما تناولته رسالة هيئة الرقابة السعودية عن تزعم الوزير العميل المرتزق معمر الارياني لعصابة سرقة الأثار اليمنية ليس بالمستغرب من أمثاله لأن من خان وطنه وباع دينه وارتمى في أحضان العمالة والنذالة والارتزاق مستعد لبيع تاريخه وحضارته بابخس الأثمان، ولم يكن الارياني الا ذنب من عشرات الاذناب التي تعمل خانعة ذليلة لإرضاء أذناب أمريكا وإسرائيل في المنطقة، بهدف نزع الغيرة العربية الأصيلة ومحو قيم وأخلاقيات الدين الإسلامي وتشويه الهوية، واستبدالها بثقافة الخنوع والاستحمار وخيانة الأوطان.

ما تتعرض له المواقع والمعالم والمدن الأثرية والتاريخية والإسلامية اليمنية من سرقة ونهب وطمس وتدمير ليس بالعشوائي أو من باب الصدفة، بل هو عمل منظم ومجدول منذ مطلع القرن العشرين وحتى يومنا الراهن، فقد استطاع البريطانيون أثناء احتلالهم لجنوب اليمن عبر من أطلق عليهم ” المستشرقون” الوصول إلى العديد من المواقع والمعالم والمدن الأثرية والتاريخية في الجوف ومارب وشبوة وحضرموت، والقيام بدراسة هذه المناطق وعمل خارطة مستقبلية لاستكمال اعمالهم ونهب العديد من أهم القطع الأثرية اليمنية التي تقبع الآن في العديد من المتاحف العالمية، لتستمر هذه الحملة الشرسة والمنظمة بعد قيام ثورتي 26سبتمبر في العام 1962م في شمال اليمن وثورت 14 أكتوبر في العام 1967 في جنوب اليمن، وساعد على استمرار حملة نهب وتدمير الأثار اليمنية عدة عوامل كان أهمها الخطة المسبقة من قبل عصابات المافيا الدولية التي تديرها بريطانيا وامريكا وإسرائيل، بالإضافة إلى وجود أدوات واذرع دول الاستعمار في المنطقة المتمثلة بالسعودية والامارات التي جندت لها عملاء ومرتزقة ومنحتهم مرتبات وحوافز شهرية لزعزعة الأمن والاستقرار في الداخل اليمني والقيام بسرقة وتهريب الأثار اليمنية، وهو ما اتاح الفرصة لتنفيذ أعمال السطو والتدمير وخاصة أن اليمن واحدة من أغنى دول العالم بتنوع وتعدد الحضارات ما جعلها متحفاً مفتوحاً مترامي الأطراف حتى غدت أغلب مناطقها أثرية وتاريخية، وهو ما سهل مهمة لصوص ومهربي الأثار، الذين ضمنوا الحماية والدعم.

وبعد قيام ثورة 21 سبتمبر 2014م بقيادة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي تكشفت هذه الخطط والخفايا التي كان يجهلها أغلب اليمنيين وهي أن العشرات من قيادات اليمن ومشائخها كانوا عملا يتقاضون الريالات المدنسة نظير خيانتهم لأوطانهم وهو ما جعل تحالف الشر يشن عدوانه على اليمن بعد أن تكشفت الحقائق وظهر المستور، وخلال العدوان ظهر مدى حقد دول العدوان ليس على الإنسان اليمني والبنى التحتية فحسب بل على التاريخ والحضارة اليمنية من خلال الاستهداف المباشر للمئات من المواقع والمعالم والمدن الأثرية والتاريخية والإسلامية بالقصف المباشر عبر طيران العدوان أو بالتفجير والتفخيخ عن طريق اذياله في الأرض من داعش والقاعدة، ولكن هذه الطرق في التدمير قد لاقت ادانات دولية خاصة بعد تحرك الجهات الحكومية ممثلة بوزارة الثقافة والخارجية وعبر الوفد الوطني المفاوض بإطلاق المناشدات لإجبار العدوان على كف اذاه عن الحضارة والتاريخ اليمني، وهو ما دفع دول العدوان لاستخدام مخطط بديل للقيام باستكمال أجندة التدمير والطمس والسرقة عن طريق تجنيد أذناب جدد متخفين بثوب الوقار والوسامة، غير مدركين أن ذلك الوقار يحمل خلفه عفن وخساسة وأن الوسامة ليست الا وجه مستعار يستخدم وفق شهوات جلاده، وما الوزير الوسيم المدلل الا نموذجا من نماذج خيانة الأوطان والارتماء في الاحضان والبيع بابخس الأثمان.

ولكن وأمام كل هذه المؤامرات على التاريخ والحضارة اليمنية فالشعب اليمني لن تنطلي عليه أساليب وأدوات العدوان ولا بد من استعادة كل القطع الأثرية والتاريخية والإسلامية اليمنية المسروقة مهما طال الزمن ولنا في استعادة مصر لقطعه الأثرية عبرة.